فأمسكه الشمر ومعه أصحابه يسوقونه ، فقال له ابن سعد : ما حملك على ما صنعت بنفسك؟ قال : إنّ ربّي يعلم ما أردتُ. فقال له رجل وقد نظر إلى الدماء تسيل على وجهه ولحيته : أما ترى ما بك؟ فقال : والله لقد قَتلتُ منكم اثني عشر رجلاً سوى مَن جرحت ، وما ألوم نفسي على الجهد ، ولَو بقيت لي عضد ما أسرتموني (١). وجرّد الشمر سيفه فقال له نافع : والله يا شمر لَو كنتَ من المسلمين لعظم عليك أنْ تلقى الله بدمائنا ، فالحمد لله الذي جعل منايانا على يدَي شرار خلقه. ثمّ قدّمه الشمر وضرب عنقه (٢).
واضح وأسلم
ولمّا صُرع واضح التركي مولى الحرث المذحجي استغاث بالحسين (ع) ، فأتاه أبو عبد الله واعتنقه ، فقال : مَن مثلي وابن رسول الله (ص) واضع خدّه على خدّي! ثم فاضت نفسه الطاهرة (٣).
ومشى الحسين إلى أسلم مولاه ، واعتنقه وكان به رمق فتبسّم وافتخر بذلك ومات (٤)!
برير بن خضير
ونادى يزيد بن معقل (٥) : يا برير كيف ترى صنع الله بك؟ فقال : صنع الله بي خيراً ، وصنع بك شرّاً. فقال يزيد : كذبت وقبل اليوم ما كنت كذّابا ، أتذكر يوم كنت اُماشيك في بني لوذان (٦) وأنت تقول : كان معاوية ضالاً وإنّ إمام
__________________
(١) تاريخ الطبري ٦ ص ٢٥٣.
(٢) البداية لابن كثير ٨ ص ٨٤ ، وتاريخ الطبري ٦ ص ٢٥٣.
(٣) مقتل العوالم ص ٩١ ، وأبصار العين ص ٨٥. وفي مقتل الحسين للخوارزمي ٢ ص ٢٤ : كان الغلام التركي من موالي الحسين (ع) ، قارئاً للقرآن ، عارفاً بالعربية ، وقد وضع الحسين (ع) خدّه على خدّه حين صُرع فتبسّم.
(٤) ذخيرة الدارين ص ٣٦٦.
(٥) في تاريخ الطبري ٦ ص ٢٤٧ : إنّه من بني عمير بن ربيعة وهو حليف لبني سليمة ابن بني عبد القيس.
(٦) في تاج العروس بمادة (لوذ) ، لوذان بن عبد ودّ بن الحرث بن زيد بن جشم بن حاشد.