الهدى علي بن أبي طالب؟ قال برير : بلى ، أشهد إنّ هذا رأيي. فقال يزيد : وأنا أشهد إنّك من الضالّين. فدعاه برير إلى المباهلة فرفعا أيديهما إلى الله سبحانه يدعوانه أن يلعن الكاذب ويقتله ، ثمّ تضاربا فضربه برير على رأسه قدّت المغفر والدماغ ، فخرّ كأنّما هوى من شاهق ، وسيف برير ثابت في رأسه. وبينا هو يريد أنْ يخرجه إذ حمل عليه رضي بن منقذ العبدي واعتنق بريراً واعتركا فصرعه برير وجلس على صدره ، فاستغاث رضي بأصحابه ، فذهب كعب بن جابر بن عمرو الأزدي ليحمل على برير ، فصاح به عفيف بن زهير بن أبي الأخنس : هذا برير بن خضير القارئ الذي كان يقرؤنا القرآن في جامع الكوفة ، فلَم يلتفت إليه وطعن بريراً في ظهره ، فبرك برير على رضي وعض وجهه وقطع طرف أنفه ، وألقاه كعب برمحه عنه وضربه بسيفه فقتله.
وقام العبدي ينفض التراب عن قبائه وقال : لقد أنعمت عليَّ يا أخا الأزد نعمة لا أنساها أبداً.
ولمّا رجع كعب بن جابر إلى أهله عتبت عليه امرأته النوار وقالت : أعنت على ابن فاطمة وقتلت سيّد القرّاء ، لقد أتيت عظيماً من الأمر ، والله لا اُكلّمك من رأسي كلمة أبداً. فقال :
سلي تخبري عنّي وانت ذميمة |
|
غداة حسين والرماح شوارع |
ألم آت اقصى ما كرهت ولم يخل |
|
عليَّ غداة الروع ما أنا صانع |
معي يزني لم تخنه كعوبُه |
|
وأبيضُ مخشوب الغرارين قاطع |
فجردته في عصبة ليس دينهم |
|
بديني وإني بابن حرب لقانع |
ولم ترَ عيني مثلهم في زمانهم |
|
ولا قبلهم في النّاس إذ أنا يافع |
أشدّ قراعا بالسيوف لدى الوغى |
|
ألا كل من يحمي الذمار مقارع |
وقد صبروا للضرب والطعن حُسّراً |
|
وقد نازلوا لو أنَّ ذلك نافع |
فأبلغ عبيد الله أما لقيته |
|
بأنّي مطيع للخليفة سامع |
قتلت بريراً ثم حملت نعمة |
|
ابا منقذ لما دعا من يماصع |
فردّ عليه رضي بن منقذ العبدي بقوله :
ولو شاء ربي ما شهدت قتالهم |
|
ولا جعل النعماء عندي ابن جابر |
لقد كان ذاك اليوم عاراً وسبَّة |
|
تعيره الابناء بعد المعاشر |