وعلموا قرب الموعد الذي كان رسول الله يخبر به ، ولحرصهم على نور النبوّة أنْ لا يحجب عنهم ولا يفقدوا تلك الهبات العلويّة اجتمعوا عليه ، وطلبوا منه الموافقة ليزيد أو الابتعاد عن هذه البلاد.
جماعة يتخوّفون على الحسين
١ ـ رأي عمر الأطرف
فقال له عمر الأطرف بن أمير المؤمنين (١) : حدّثني أبو محمّد الحسن عن أبيه أمير المؤمنين ، أنّك مقتول ، فلو بايعت لكان خيراً لك. قال الحسين : «حدّثني أبي أنّ رسول الله أخبره بقتله وقتلي ، وإنّ تربته تكون بالقرب من تربتي ، أتظنّ أنّك علمت ما لم أعلمه؟ ، وإنّي لا أعطي الدنيّة من نفسي أبداً ، ولتلقين فاطمة أباها شاكية ممّا لقيت ذريّتها من اُمّته ، ولا يدخل الجنة من آذاها في ذريّتها» (٢).
وجاء عمر بن علي بن أبي طالب إلى المختار ـ حينما نهض بالكوفة ـ فقال له المختار : هل معك محمّد بن الحنفيّة؟ فقال : لا. فطرده عنه. فسار إلى مصعب حتّى حضر الوقعة وقُتل فيمَن قُتل من النّاس (٣).
لا بد أن ترد القيامة فاطم |
|
وقميصها بدم الحسين ملطّخ |
ويلٌ لمَن شفعاؤه خصماؤه |
|
والصور في يوم القيامة ينفخ (٤) |
٢ ـ رأي ابن الحنفية
وقال محمّد بن الحنفية (٥) : يا أخي أنت أحبّ النّاس إليَّ وأعزّهم عليَّ
__________________
(١) ذكرنا ترجمته في هامش كتابنا زيد الشهيد ص ١٠٠ الطبعة الثانية.
(٢) اللهوف ص ١٥ ، ط صيدا.
(٣) الاخبار الطوال للدينوري ص ٢٩.
(٤) في مناقب ابن شهرآشوب ٢ ص ٩١ : إنّها لمسعود بن عبد الله القايني.
(٥) ذكرنا في كتابنا (قمر بني هاشم ص ١٠٤) : أنّ له يوم البصرة عشرين سنة ، فهو أكبر من العبّاس بعشر سنين ، وكانت راية أمير المؤمنين معه في الجمل والنهروان ، وذكرنا في كتابنا (زين العابدين ص ٣١٦) بعض أحواله. وفي مقتل الخوارزمي ٢ ص ٧٩ كتاب يزيد إلى ابن الحنفية بعد قتل الحسين وحضوره عنده ؛ وهذا ممّا يحطّ من مقامه ، وإنّي أقطع بالافتعال عليه ؛ لأنّه لا يعقل صدوره من غيور موتور.