ارجعي إلى الخيمة ، فإنّه ليس على النّساء قتال». فرجعت (١).
مبارزة الاثنين والاربعة
ولمّا نظر مَن بقي من أصحاب الحسين إلى كثرة مَن قُتل منهم ، أخذ الرجلان والثلاثة والأربعة يستأذنون الحسين في الذبّ عنه والدفع عن حرمه ، وكلّ يحمي الآخر من كيد عدوّه. فخرج الجابريّان وهما : سيف بن الحارث بن سريع ، ومالك بن عبد بن سريع ، وهما ابنا عمّ وأخوان لاُمّ ، وهما يبكيان قال الحسين (ع) : «ما يبكيكما؟ إنّي لأرجو أنْ تكونا بعد ساعة قريرَي العين». قالا : جعلنا الله فداك ، ما على أنفسنا نبكي ولكن نبكي عليك ؛ نراك قد اُحيط بك ولا نقدر أنْ ننفعك. فجزاهما الحسين خيراً. فقاتلا قريباً منه حتّى قُتلا (٢).
وجاء عبد الله وعبد الرحمن ابنا عروة الغفاريّان فقالا : قد حازنا النّاس إليك. فجعلا يقاتلان بين يدَيه حتّى قُتلا.
وخرج عمرو بن خالد الصيداوي وسعد مولاه وجابر بن الحارث السلماني ومجمع بن عبد الله العائذي (٣) ، وشدّوا جميعاً على أهل الكوفة فلمّا أوغلوا فيهم ، عطف عليهم النّاس وقطعوهم عن أصحابهم ، فندب إليهم الحسين أخاه العبّاس فاستنقذهم بسيفه ، وقد جُرحوا بأجمعهم ، وفي أثناء الطريق اقترب منهم العدوّ فشدّوا بأسيافهم مع ما بهم من الجراح ، وقاتلوا حتّى قتلوا في مكان واحد (٤).
استغاثة وهداية
ولمّا نظر الحسين إلى كثرة مَن قُتل من أصحابه ، قبض على شيبته المقدّسة وقال : «اشتدّ غضب الله على اليهود إذ جعلوا له ولداً ، واشتدّ غضبه على النّصارى إذ جعلوه ثالث ثلاثة ، واشتدّ غضبه على المجوس إذ عبدوا الشمس
__________________
(١) تاريخ الطبري ٦ ص ٢٤٥ ، وابن الأثير ٤ ص ٣٧.
(٢) ابن الأثير ٤ ص ٢٩.
(٣) في الإصابة ٣ ص ٩٤ القسم الثالث : مجمع بن عبد الله بن مجمع بن مالك بن أياس بن عبد مناة بن سعد ، قُتل مع الحسين بن علي (عليه السّلام) بالطفّ ، ولأبيه إدراك.
(٤) تاريخ الطبري ٦ ص ٢٥٥.