المراثي
إنّ قضيّة سيّد الشهداء (عليه السّلام) بما اشتملت عليه من القساوة الشائنة كانت مثيرة للعواطف ، مرققةِّ للأفئدة ، فتذمّر منها حتّى مَن لم ينتحل دين الإسلام ؛ لذلك ازدلف الشعراء قديماً وحديثاً ، باللغة الفصحى والدارجة ، إلى ذكرها وتعريف الأجيال المتعاقبة بما جاء الاُمويّون من استئصال شأفة آل الرسول (ص) فجاؤا بما فيه نجعة المرتاد.
ومن هؤلاء المناضلين لإحياء المذهب ، الحجّة آية الله الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء (نوّر الله ضريحه) فلقد جاء بمراثٍ كثيرة لها حُسن السَّبك ودقَّة المعنى وسلاسة النّظم ورقَّة الانشاء ، آثرنا منها أربع قصائد ساطعة في رثاء السّبط الشهيد سيّد شباب أهل الجنّة (عليه السّلام) :
١ ـ قال رحمه الله :
نفس أذابتها أسىً حسراتها |
|
فجرت بها محمرَّة عبراتها |
||
وتذكّرت عهد المحصَّب من منى |
|
فتوقَّدت بضلوعها جمراتها |
||
سارت وراءهم ترجع رنَّة |
|
حنَّت مطاياهم لها وحداتها |
||
طلعوا بيوم للوداع وقد غدى |
|
ليلاً فردَّت شمسه جبهاتها |
||
وسروا بكلّ فتاة خدرٍ إنْ تكن |
|
بدراّ فأطراف القنا هالاتها |
||
فخذوا احمرار خدودها بدمائنا |
|
فجناتها دون الورى وجناتها |
||
واستعطفوا باللين أعطافاً لها |
|
فلقد أقمنَ قيامتي قاماتها |
||
وعلى عذيب الريق بارق لؤلؤ |
|
بالمنحنى من أضلعي قبساتها |
||
لاثت على شهدية بخمارها |
|
والخمر يشهد إنّه للثَّاتها |
||
لله يوم تلفَّتت لَو أنّها |
|
كانت لقتلى حبّها لفتاتها |
||
ثملت بخمرة ريقها أعطافها |
|
وزهت بلؤلؤ ثغرها لثاتها |
||
ومشت فخاطرت النّفوس كأنَّما |
|
ماست بخطّار القنا خطراتها |
||
ومن البليّة أنّني أشكو لها |
|
بلوى الضَّنا فتزيدني لحظاتها |
||
وأبيت أسهر ليلتي وكأنّما |
|
قد وفّرت في جنحها وفراتها |
||
ومهى قنصت لصيدهنّ فعدت في |
|
شرك الغرام وأفلتت ظبياتها |
||
عجباً تفاد لي الاُسود مهابةً |
|
وتقودني وأنا الأبي مهاتها |
||
أنا من بعين المكرمات ضياؤها |
|
لكن بعين الحاسدين قذاتها |
||