ما زلت ارميهم بثغرة نحره |
|
ولبانه حتّى تسربل بالدم |
فقال الحصين ليزيد بن سفيان : هذا الحرّ الذي كنت تتمنى قتله؟ قال : نعم. وخرج إليه يطلب المبارزة فما أسرع أنْ قتله الحرّ ، ثمّ رمى أيّوب بن مشرح الخيواني فرس الحرّ بسهم فعقره ، وشبّ به الفرس فوثب عنه كأنّه ليث (١) وبيده السّيف ، وجعل يقاتل راجلاً حتّى قتل نيفاً وأربعين (٢) ، ثمّ شدّت عليه الرجّالة فصرعته. وحمله أصحاب الحسين (ع) ووضعوه أمام الفسطاط الذي يقاتلون دونه ـ وهكذا يؤتى بكلّ قتيل إلى هذا الفسطاط ـ والحسين (ع) يقول : «قتلة مثل قتلة النبيين وآل النبيّين» (٣) ثمّ التفت إلى الحرّ ـ وكان به رمق ـ فقال له ، وهو يمسح الدم عنه : «أنت الحرّ كما سمّتك اُمّك ، وأنت الحرّ في الدنيا والآخرة». ورثاه رجل من أصحاب الحسين ، وقيل : علي بن الحسين (٤) وقيل : إنّها من إنشاء الحسين خاصّة (٥)
لَنعم الحرُّ حرُ بني رياح |
|
صبور عند مشتبك الرماح |
ونعم الحرُّ إذ فادى حسيناً |
|
وجاد بنفسه عند الصباح |
الصلاة
وقام الحسين إلى الصلاة ، فقيل إنّه صلّى بمَن بقي من أصحابه صلاة الخَوف ، وتقدّم أمامه زهير بن القين وسعيد بن عبد الله الحنفي في نصف من أصحابه (٦) ، ويقال إنّه صلّى ، وأصحابه فرادى بالإيماء (٧) :
__________________
(١) تاريخ الطبري ٦ ص ٢٤٨ ـ ٢٥٠.
(٢) مناقب ابن شهر آشوب ٢ ص ٢١٧ ، طبعة ايران.
(٣) هذا في تظلّم الزهراء (عليها السّلام) ص ١١٨ ، والبحار ١٠ ص ١١٧ ، و ١٣ ص ١٣٥ ، عن الغيبة للنعماني ص ١١٣ ، الطبع الحجرية ، باب ما يلحق الشيعة من التمحيص. وفي تاريخ الطبري ٦ ص ٢٥٦ ، وابن الأثير ٤ ص ٣٠ ، وإرشاد المفيد : إنّه وضع فسطاطاً في الميدان. ولَم يذكروا كلمة الحسين (ع) المعربة عن قداسة الموقف.
(٤) مقتل العوالم ص ٨٥ ، ومقتل الخوارزمي ٢ ص ١١.
(٥) روضة الواعظين ص ١٦٠ ، وأمالي الصدوق ص ٩٧ ، المجلس الثلاثون.
(٦) مقتل العوالم ص ٨٨ ، ومقتل الخوارزمي ٢ ص ١٧ : والذي أراه صلاة الحسين كانت قصراً ؛ لأنّه نزل كربلاء في الثاني من المحرم ، ومن أخبار جدّه الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مضافاً إلى علمه بأنّه يُقتل يوم عاشوراء لَم يستطع أن ينوي الإقامة إذا لَم تكمل له عشرة أيّام وتخيّل مَن لا معرفة له بذلك أنّه صلّى صلاة الخوف.
(٧) مثير الأحزان لابن نما ص ٤٤.