تضحية اُولئك الصفوة دونه أدراج التمويهات ، كان الواجب عليها القيام به.
ولذلك نهضت سيّدة نساء العالمين الزهراء (عليها السّلام) للدفاع عن خلافة الله الكبرى ؛ حين اُخذ العهد على سيّد الأوصياء بالقعود ، فخطبت في مسجد النّبي (ص) الخطبة البليغة في محتشد من المهاجرين والأنصار.
على أنّ الحسين (ع) كان على علم بإخبار جدّه الأمين (ص) ؛ بأنّ القوم وإنْ بلغوا الغاية ، وتناهوا في الخروج عن سبيل الحميّة ، لا يمدّون إلى النّساء يد السّوء ، كما أنبأ عنه سلام الله عليه بقوله لهنّ ساعة الوداع الأخيرة : «البسوا أزركم ، واستعدّوا للبلاء ، واعلموا أنّ الله حاميكم وحافظكم ، وسينجيكم من شرّ الأعداء ، ويجعل عاقبة أمركم إلى خير ، ويعذّب أعاديكم بأنواع العذاب ، ويعوّضكم عن هذه البليّة بأنواع النّعم والكرامة. فلا تشكوا ولا تقولوا بألسنتكم ما ينقص من قدركم».
هذا كلّه لو لم نقل بالإمامة لسيّد الشهداء (ع). وأمّا مع الخضوع لناموس علم الإمام الشامل لِما كان ويكون ، وسيره حسب المصالح الواقعيّة ، وعصمته في أقواله وأفعاله ، كما هو الحقّ الذي لا محيص عنه ، فكان المحتّم علينا الإذعان بأنّ ما صدر منه ناشئ عن حِكَمٍ ربانيّة ، ومصالح إلهيّة لا يتطرّق إليها الشكّ ، وليس الواجب علينا إلا التصديق بجميع أفعاله ، من دون أن يلزمنا العقل بمعرفة المصالح الباعثة على تلك الأفعال الصادرة منه. وهكذا الحال في كلّ ما وجب على المكلّفين ، فإنّه لمْ يجب على العباد إلا التسليم والخضوع للمولى ، من دون أنْ تعرف الأغراض الباعثة عليها. وهكذا الحال في العبيد مع مواليهم ، فإنّ العقل لا يلزم العبد بأكثر من طاعة سيّده ومولاه حينما يأمره وينهاه.
نهضات العلويِّين
لقد كان من نتائج تلك النّهضة المقدّسة ومن ولائد ذلك (الفتح المبين) تطوّر في نظر العلويين نسباً أو مذهباً أو مَن أخذ لدعوته لوناً من الانتماء إلى آل محمّد ، وإنْ كان مضمراً غير ما يتظاهر به ، وكلٌ من هؤلاء لمْ يعدم التشييد لدعوة الحقّ ، والوهن في دولة الباطل ، وتعريف الاُمّة بأنّ لآل محمّد حقّاً مغتصباً ،