الدِّين وأنت تقيم عليه؟! ستعلمون إذا فارقت أرواحنا أجسادنا مَن أولى بصليّ النّار» (١).
مسلم بن عوسجة
ثمّ حمل عمرو بن الحَجّاج من نحو الفرات فاقتتلوا ساعة ، وفيها قاتل مسلم بن عوسجة ، فشدّ عليه مسلم بن عبد الله الضبابي وعبد الله بن خشكارة البجلي ، وثارت لشدّة الجلاد غبرة شديدة وما انجلت الغبرة إلاّ ومسلم صريع وبه رمق. فمشى إليه الحسين (ع) ومعه حبيب بن مظاهر فقال له الحسين (ع) : (رحمك الله يا مسلم! فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً). ودنا منه حبيب وقال : عزّ عليّ مصرعك يا مسلم ، أبشِر بالجنّة. فقال بصوت ضعيف : بشّرك الله بخير. قال حبيب : لَو لَم أعلم أنّي في الأثر لأحببت أنْ توصي إليَّ بما أهمّك. فقال مسلم : اُوصيك بهذا وأشار إلى الحسين (ع) أنْ تموت دونه. قال : أفعل وربِّ الكعبة. وفاضت روحه بينهما. وصاحت جارية له : وآ مسلماه! يا سيّداه! يابن عوسجتاه! فتنادى أصحاب ابن الحجاج : قتلنا مسلماً.
فقال شبث بن ربعي لمَن حوله : ثكلتكم اُمّهاتكم! أيقتل مثل مسلم وتفرحون! لَربَّ موقف له كريم في المسلمين رأيته يوم آذربيجان ، وقد قتل ستة من المشركين قبل تتام خيول المسلمين (٢).
الميسرة
وحمل الشمر في جماعة من أصحابه على ميسرة الحسين (ع) فثبتوا لهم حتّى كشفوهم ، وفيها قاتل عبد الله بن عمير الكلبي فقتل تسعة عشر فارساً واثني عشر راجلاً ، وشدّ عليه هاني بن ثبيت الحضرمي فقطع يده اليمنى (٣) ، وقطع بكر بن حي ساقه.
__________________
(١) البداية لابن كثير ٨ ص ١٨٢.
(٢) تاريخ الطبري ٦ ص ٢٤٩.
(٣) مناقب ابن شهر آشوب ٢ ص ٢١٧.