عن أبيك وعنك وعن يزيد وأبيه.
فقال ابن زياد : لا سألتك عن شيء ولتذوق الموت غصّة بعد غصّة.
قال ابن عفيف : الحمد لله ربّ العالمين أمّا إنّي كنت أسأل ربّي أنْ يرزقني الشهادة من قبل أنْ تلدك اُمّك ، وسألت الله أنْ يجعلها على يدَي العن خلقه وأبغضهم إليه ولمّا كفّ بصري يئست من الشهادة ، أمّا الآن والحمد لله الذي رزقنيها بعد اليأس منه ، وعرّفني الإجابة في قديم دعائي. فأمر ابن زياد بضرب عنقه ، وصلبه في السّبخة (١).
ودعا ابن زياد بجندب بن عبد الله الأزدي ، وكان شيخاً كبيراً ، فقال له : يا عدوّ الله ألست صاحب أبي تراب في صفّين؟ قال : نعم ، وإنّي لاُحبّه وأفتخر به ، وأمقتك وأباك سيّما الآن ، وقد قتلت سبط الرسول وصحبه وأهله ، ولَم تخف من العزيز الجبّار المنتقم. فقال ابن زياد : إنّك لأقلّ حياءً من ذلك الأعمى وإنّي ما أراني إلاّ متقرّباً إلى الله بدمك. فقال ابن جندب : إذاً لا يقرّبك الله. وخاف ابن زياد من نهوض عشيرته فتركه وقال : إنّه شيخ ذهب عقله وخرف. وخلي سبيله (٢).
المختار الثقفي
لمّا أحضر ابن زياد السّبايا في مجلسه ، أمر بإحضار المختار ، وكان محبوساً عنده من يوم قَتْل مسلم بن عقيل ، فلمّا رأى المختار هيئة منكرة زفر زفرة شديدة وجرى بينه وبين ابن زياد كلام أغلظ فيه المختار فغضب ابن زياد وارجعه إلى الحبس (٣) ويقال ضربه بالسّوط على عينه فذهبت (٤).
وبعد قَتْل ابن عفيف كان المختار بن أبي عبيد الثقفي مطلق السراح بشفاعة عبد الله بن عمر بن الخطاب عند يزيد ؛ فإنّه زوج اُخته صفيّة بنت أبي
__________________
(١) مثير الأحزان لابن نما الحلّي ص ٥٠ ، واللهوف لابن طاووس ص ٩٢ ، ومقتل الخوارزمي ٢ ص ٥٣. واختصر قصّته في تاريخ الطبري ٦ ص ٢٦٣ ، والمحبر لابن حبيب ص ٤٨٠ ، والإرشاد للشيخ المفيد ، والكل اتّفقوا على صلبه في الكناسة ، وذكره الأربلي في كشف الغمّة ص ١١٦.
(٢) مثير الأحزان ص ٥١ ، ومقتل الخوارزمي ٢ ص ٥٥ ، ورياض الأحزان ص ٥٨.
(٣) رياض الأحزان ص ٥٢.
(٤) الأعلاق النفسيّة لابن رسته ص ٢٢٤.