ثمّ أمر ابن زياد بحبس جماعة من الأزد ، فيهم عبد الرحمن بن مخنف الأزدي (١) وفي الليل ذهب جماعة من قِبل ابن زياد إلى منزله ؛ ليأتوه به ، فلمّا بلغ الأزد ذلك تجمَّعوا وانضمَّ إليهم أحلافهم من اليمن ، وبلغ ابن زياد تجمّعهم فأرسل مضر مع محمّد بن الأشعث (٢) ، فاقتتلوا أشدّ قتال وقُتل من الفريقَين جماعة ، ووصل ابن الأشعث إلى دار ابن عفيف واقتحموا الدار ، فصاحت ابنته : أتاك القوم.
قال لها : لا عليك ، ناوليني سيفي. فجعل يذبّ به عن نفسه ، ويقول :
إنّ ابن ذي الفضل العفيف الطّاهر |
|
عفيف شيخي وابن اُمّ عامر |
كم دارعٍ من جمعكم وحاسر |
|
وبطل جدّلته مغادر |
وابنته تقول له : ليتني كنت رجلاً ، أذبّ بَين يدَيك هؤلاء الفجرة قاتلي العترة البررة.
ولَم يقدر أحد منهم أنْ يدنو منه فإنّ ابنته تقول له : أتاك القوم من جهة كذا. ولمّا أحاطوا به صاحت : وا ذلاّه! يُحاط بأبي وليس له ناصر يستعين به. وهو يدور بسيفه ويقول :
أقسمُ لو يفسح لي عن بصري |
|
ضاق عليكم موردي ومصدري |
وبعد أنْ تكاثروا عليه ، أخذوه وأتوا به إلى ابن زياد فقال له : الحمد لله الذي أخزاك. قال ابن عفيف : وبماذا أخزاني؟
والله لو فرج لي عن بصري |
|
ضاق عليكم موردي ومصدري |
قال ابن زياد : يا عدوّ الله ما تقول في عثمان؟
فشتمه ابن عفيف وقال : ما أنت وعثمان؟ أساء أم أحسن ، أصلح أم أفسد ، وإنّ الله تبارك وتعالى وليُّ خلقه يقضي بينهم وبين عثمان بالعدل والحقّ ، ولكن سلني
__________________
(١) رياض الأحزان ص ٥٧ ، عن روضة الصفا.
(٢) في مثير الأحزان لابن نما الحلّي : أرسل ابن زياد محمّد بن الأشعث ، وحيث إنّه قُتل يوم عاشوراء بدعاء الحسين (عليه السّلام) أصابته عقرب فمات منها ، فيكون المرسَل هذا أحد بني الأشعث.