لك الفداء ، إنّي أرى هؤلاء قد اقتربوا منك ، لا والله لا تُقتل حتّى اُقتل دونك ، واُحبّ أنْ ألقى الله وقد صلّيت هذه الصلاة التي دنا وقتها. فرفع الحسين (ع) رأسه إلى السّماء وقال : «ذكرت الصلاة ، جعلك الله من المصلّين الذاكرين ، نعم هذا أول وقتها ، سلوهم أنْ يكفّوا عنّا حتّى نصلّي». فقال الحصين : إنّها لا تُقبل (١).
حبيب بن مظاهر
فقال حبيب بن مظاهر : زعمت أنّها لا تُقبل من آل الرسول وتُقبل منك يا حمار؟! فحمل عليه الحصين فضرب حبيبُ وجه فرسه بالسّيف ، فشبّت به ووقع عنه واستنقذه أصحابه فحملوه (٢) ، وقاتلهم حبيب قتالاً شديداً ، فقتل على كبره اثنين وستّين رجلاً ، وحمل عليه بديل بن صريم فضربه بسيفه ، وطعنه آخر من تميم برمحه فسقط إلى الأرض ، فذهب ليقوم وإذا الحصين يضربه بالسّيف على رأسه فسقط لوجهه ، ونزل إليه التميمي واحتزّ رأسه فهدّ مقتلُه الحسين (ع) فقال : «عند الله احتسب نفسي وحماة أصحابي» (٣) ، واسترجع كثيراً.
الحرّ الرياحي
وخرج من بعده الحرّ بن يزيد الرياحي ومعه زهير بن القين ـ يحمي ظهره ـ فكان إذا شدّ أحدهما واستلحم شدّ الآخر واستنقذه ، ففعلا ساعة (٤) وإنّ فرس الحرّ لمضروب على اُذنَيه وحاجبَيه والدماء تسيل منه ، وهو يتمثّل بقول عنترة :
__________________
زياد بن عمرو بن عريب بن حنظلة بن دارم الصائدي ، قُتل مع الحسين. وفي تاريخ الطبري ٦ / ١٥١ ، وزيارة النّاحية المقدسة أبو ثمامة عمرو بن عبد الله الصائدي. وفي اللباب لابن الأثير ٢ / ٤٦ : الصائدي : نسبةً إلى صائد ، بطن من همدان ، واسم صايد كعب بن شرحبيل ... الخ.
(١) في الوسائل ١ ص ٢٤٧ ، الباب الواحد والأربعون ، في مواقيت الصلاة ، طبعة عين الدولة : كان أمير المؤمنين (ع) مشتغلاً بالحرب ويراقب وقت الصلاة ، فقال له ابن عبّاس ما هذا الفعل يا أمير المؤمنين قال : «اُراقب الشمس». فقال له : إنّ عندنا لشغلاً بالقتال عن الصلاة. فقال (عليه السّلام) : «إنّما قاتلناهم على الصلاة». ولَم يترك صلاة الليل حتّى ليلة الهرير.
(٢) مقتل الحسين للخوارزمي ٢ ص ١٧.
(٣) ابن الأثير ٤ ص ٢٩ ، وتاريخ الطبري ٦ ص ٢٥١ ، وفي مقتل الحسين للخوارزمي ٢ ص ١٩ : قطع التميمي رأس حبيب ، ويقال بديل بن صريم ، وعلّق الرأس في عنق الفرس ، فلمّا دخل الكوفة رآه ابن حبيب ابن مظاهر ـ وهو غلام غير مراهق ـ فوثب عليه وقتله وأخذ رأسه.
(٤) تاريخ الطبري ٦ ص ٢٥٢ ، والبداية ٨ ص ١٨٣.