ثمّ إنّه (عليه السّلام) اشترى النّواحي التي فيها قبره من أهل نينوى والغاضريّة بستّين ألف درهم وتصدّق بها عليهم ، واشترط عليهم أنْ يرشدوا إلى قبره ويضيفوا مَن زاره ثلاثة أيام ، وكان حرم الحسين (ع) الذي اشتراه أربعة أميال في أربعة أميال ، فهو حلال لولده ولمواليه وحرام على غيرهم ممن خالفهم وفيه البركة ، وفي الحديث عن الصادق (ع) : «إنّهم لم يفوا بالشرط» (١).
ولمّا نزل الحسين (ع) كربلاء كتب إلى ابن الحنفية وجماعة من بني هاشم : «أمّا بعد ، فكأنّ الدنيا لَم تكن وكأنّ الآخرة لَم تزل ، والسّلام» (٢).
ابن زياد مع الحسين
وبعث الحرّ إلى ابن زياد يخبره بنزول الحسين في كربلاء فكتب ابن زياد إلى الحسين : أمّا بعد ، يا حسين فقد بلغني نزولك كربلاء ، وقد كتب إليّ أمير المؤمنين يزيد أنْ لا أتوسّد الوثير ، ولا أشبع من الخمير أو اُلحقك باللطيف الخبير ، أو تنزل على حكمي وحكم يزيد ، والسّلام.
ولمّا قرأ الحسين الكتاب رماه من يده وقال : «لا أفلح قوم اشتروا مرضاة المخلوق بسخط الخالق!». وطالبه الرسول بالجواب ، فقال : «ما له عندي جواب ؛ لأنّه حقّت عليه كلمة العذاب».
وسامته يركب إحدى اثنتين |
|
وقد صرّت الحرب أَسنانها |
__________________
(١) كشكول الشيخ البهائي ٢ ص ٩١ ، طبعة مصر : نقلاً عن كتاب الزيارات لمحمّد بن أحمد بن داود القمي ، وحكاه عنه السيد ابن طاووس في مصباح الزائر. والعجب من صاحب مفتاح الكرامة في كتاب المتاجر ص ٢٤٥ : أنّه أنكر شراء الحسين أربعة أميال من جهات قبره الشريف ، مدّعياً عدم وقوفه على ذلك في الأخبار وعلى كلمات العلماء. كما أنّ أمير المؤمنين اشترى من الدهاقين ما بين الخورنق إلى الحيرة وإلى الكوفة بأربعين ألف درهم وقال لِمَن اعترض عليه بأنّها أرض لا تنبت : «إنّي سمعت رسول الله يقول : كوفان يرد أولها على آخرها ، يحشر من ظهرها سبعون ألفاً يدخلون الجنّة بغير حساب ، واشتهيت أنْ يحشروا في ملكي» فرحة الغري لابن طاووس ص ٢٩ ، الباب الثاني ، المطبعة الحيدرية في النجف.
(٢) كامل الزيارات ص ٧٥ الباب الثالث والعشرون ، وذكر أبو الفرج في الأغاني ٨ ص ١٥١ طبعة ساسي : أنّ الحسن البصري كتب إلى عمر بن عبد العزيز بذلك لمّا ولّي الخلافة ، وفي مروج الذهب : أخبار عمر بن عبد العزيز أنّه كتب إلى أبي حازم المدني الأعرج : اوصني واوجز ، فكتب إليه بذلك. وفي موضوعات على القاري أول حرف الكاف ، قال السيوطي : لَم أقف عليه مرفوعاً وأخرجه أبو نعيم عن عمر بن عبد العزيز.