فإما يُرى مذعناً او تموت |
|
نفس أبيّ العزُّ إذعانها |
فقال لها اعتصمي بالابا |
|
فنفس الأبي وما زانها |
إذا لم تجد غير لبس الهوان |
|
فبالموت تنزع جثمانها |
يرى القتل صبراً شعار الكرام |
|
وفخراً يزين لها شأنها |
فشمَّر للحرب عن معرك |
|
به عَركَ الموتُ فرسانها |
وأضرمها لعنان السَّماء |
|
حمراء تلفح نيرانها |
ركين وللأرض تحت الكماة |
|
رجيف يزلزل ثهلانها (١) |
وأخبر الرسول ابن زياد بما قاله أبو عبد الله (ع) فاشتدّ غضبه (٢) ، وأمر عمر بن سعد بالخروج إلى كربلاء ، وكان معسكِراً (بحمام أعين) في أربعة آلاف ليسير بهم إلى دستبى ؛ لأنّ الديلم قد غلبوا عليها (٣) ، وكتب له ابن زياد عهداً بولاية الري وثغر دستبى والديلم (٤) فاستعفاه ابن سعد ، ولمّا استردّ منه العهد استمهله ليلته ، وجمع عمر بن سعد نصحاءه فنهوه عن المسير لحرب الحسين ، وقال له ابن اُخته حمزة بن المغيرة بن شعبة : اُنشدك الله أنْ لا تسير لحرب الحسين ، فتقطع رحمك وتأثم بربّك ، فوالله لئن تخرج من دنياك ومالك وسلطان الأرض كلّه لو كان لك لكان خيراً لك من أنْ تلقى الله بدم الحسين (٥).
فقال ابن سعد : أفعل إنْ شاء الله. وبات ليلته مفكّراً في أمره وسُمع يقول :
أأترك ملك الري والري رغبتي |
|
أم أرجع مذموماً بقتل حسين |
وفي قتله النار التي ليس دونها |
|
حجاب وملك الري قرة عيني (٦) |
__________________
(١) للسيد حيدر الحلي رحمه الله.
(٢) البحار ١٠ ص ١٨٩ ، ومقتل العوالم ص ٧٦.
(٣) في تجريد الاغاني ١ ص ٢٧٧ القسم الأول ، لابن واصل الحموي المتوفّى سنة ٦٩٧ ـ في أول أخبار حنين قال : عرف هذا الحمام بأعين حاجب بشر بن مروان بن الحكم. وفي معجم البلدان ٣ ص ٣٣٤ : مادة حمام أعين بالكوفة منسوب إلى أعين مولى سعد بن أبي وقاص.
(٤) الطبري ٦ ص ٢٣٢.
(٥) الأخبار الطوال ص ٢٥١ ، وفي معجم البلدان ٤ ص ٥٨ : دستبى (بفتح أوّله وسكون ثانيه وفتح التاء المثناة من فوق والباء الموحدة المقصورة) : كورة كبيرة بين همدان والري ، فقسم يقال له دستبى الرازي وقسم دستبى همدان ، وبسعي أبي مالك حنظلة بن خالد التميمي اُضيفت إلى قزوين.
(٦) في أحسن التقاسيم للمقدسي ص ٣٨٥ : قال : وهذه المدينة أهلكت عمر بن سعد الشقي حتّى قتل الحسين بن علي ، ثمّ اختارها مع النّار حيث يقول أخزاه الله (وذكر البيتين) كما هنا إلاّ قوله (والري رغبتي).