سطت ورحى الهيجاء تطحن شوسها |
|
ووجه الضحى في نقعها متنقِّب |
||
تهلّل بشراً بالقراع وجوهها |
|
وكم وجه ضرغام هناك مقطّب |
||
وتلتذّ أن جاءت لها السمر تلتوي |
|
وللبيض ان سُلّت لدى الضرب تطرب |
||
أعزّاء لا تلوي الرقاب لفادح |
|
ولا من اُلوف في الكريهة ترهب |
||
فما لسوى العلياء تاقت نفوسهم |
|
ولَم تك في شيء سوى العزّ ترغب |
||
فلَو أنَّ مجداً في الثرّيا لحلقت |
|
إليه وشأن الشّهم للمجد يطلب |
||
فأسيافهم يوم الوغى تمطر الدّما |
|
وأيديهم من جودها الدهر مخضب |
||
وما برحت تقري المواضي لحومها |
|
ومن دمها السّمر العواسل تشرب |
||
إلى أنْ تهاوت كالكواكب في الثرى |
|
وما بعدهم يا ليت لا لاح كوكب (١) |
||
إتهاووا فقل زهر النّجوم تهافتت |
|
وأهووا فقل شمّ الجبال تهدّم (٢) |
||
وخرج يسار مولى زياد وسالم مولى عبيد الله بن زياد فطلبا البراز ، فوثب حبيب وبرير ، فلم يأذن لهما الحسين (ع). فقام عبد الله بن عمير الكلبي ، من بني عليم ، وكنيته أبو وهب ، وكان طويلاً شديد السّاعدين بعيد ما بين المنكبين ، شريفاً في قومه شجاعاً مجرّباً ، فأذن له وقال : «أحسبه للأقران قتّالاً». فقالا له : مَن أنت؟ فانتسب لهما ، فقالا : لا نعرفك ليخرج إلينا زهير أو حبيب أو برير ، وكان يسار قريباً منه فقال له : يابن الزانية أوَبك رغبةً عن مبارزتي؟ ثمّ شدّ عليه بسيفه يضربه ، وبينا هو مشتغل به إذ شدّ عليه سالم ، فصاح أصحابه قد رهقك العبد فلم يعبأ به ، فضربه سالم بالسّيف فاتقاها عبد الله بيده اليسرى فأطار أصابعه ، ومال عليه عبد الله فقتله. وأقبل إلى الحسين يرتجز وقد قتلهما.
وأخذت زوجته اُمّ وهب بنت عبد الله بن النمر بن قاسط ، عموداً ، وأقبلت نحوه تقول له : فداك أبي واُمّي قاتل دون الطيّبين ذريّة محمّد صلّى الله عليه وأله وسلّم. فأراد أنْ يردّها إلى الخيمة ، فلَم تطاوعه وأخذت تجاذبه ثوبه وتقول : لن أدعك دون أنْ أموت معك. فناداها الحسين (ع) : «جزيتم عن أهل بيت نبيكم خيراً ،
__________________
(١) من قصيدة للشيخ حسون الحلي ، شعراء الحلة ٢ ص ١٠٤.
(٢) من قصيدة للحجة للشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء قدس سره ، طبعت في كتابنا (قمر بني هاشم).