ودنا سهل بن سعد السّاعدي من سكينة بنت الحسين (ع) وقال : ألك حاجة؟ فأمرته أنْ يدفع لحامل الرأس شيئاً فيبعده عن النّساء ليشتغل النّاس بالنّظر إليه ، ففعل سهل (١).
ودنا شيخ من السّجاد (ع) وقال له : الحمد الله الذي أهلككم وأمكن الأمير منكم. ها هنا أفاض الإمام من لطفه على هذا المسكين المغترّ بتلك التمويهات لتقريبه من الحقّ وإرشاده إلى السّبيل ، وهكذا أهل البيت (عليهم السّلام) تشرق أنوارهم على مَن يعلمون صفاء قلبه وطهارة طينته واستعداده للهداية. فقال (عليه السّلام) له : «يا شيخ أقرأت القرآن؟» قال : بلى ، قال (عليه السّلام) : «أقرأت (قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى)؟ وقرأت قوله تعالى : (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقّهُ)؟ وقوله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنّمَا غَنِمْتُم مِن شَيْءٍ فَأَنّ للّهِ خُمُسَهُ وَلِلرّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى)» قال الشيخ : نعم ، قرأت ذلك.
فقال (ع) : «نحن والله القربى في هذه الآيات».
ثمّ قال له الإمام : «أقرأت قوله تعالى : (إِنّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهّرَكُمْ تَطْهِيراً)؟» قال : بلى.
فقال (عليه السّلام) : «نحن أهل البيت الذين خصّهم الله بالتطهير». قال الشيخ : بالله عليك أنتم هم؟ فقال (عليه السّلام) : «وحقّ جدّنا رسول الله إنّا لنحن هم ، من غير شكّ».
فوقع الشيخ على قدمَيه يقبّلهما ويقول : أبرأ إلى الله ممَّن قتلكم. وتاب على يد الإمام ممّا فرّط في القول معه. وبلغ يزيد فعل الشيخ وقوله ، فأمر بقتله (٢).
بأيّة آية يأتي يزيد |
|
غداة صحائف الأعمال تُتلى |
وقام رسول ربّ العرش يتلو |
|
وقد صمَّت جميع الخلق قل لا (٣) |
__________________
صريح ، ومثله تمثله بقول ابن الزبعري قبل إسلامه (ليت أشياخي ...) الأبيات.
(١) مقتل العوالم ص ١٤٥.
(٢) اللهوف ص ١٠٠.
وفي تفسير ابن كثير ٤ ص ١١٢ ، وروح المعاني للآلوسي ٢٥ ص ٣١ ، ومقتل الخوارزمي ٢ ص ٦١ : إنّ السّجاد (ع) قرأ على الشيخ آية المودّة فأذعن له.
(٣) روح المعاني للآلوسي ٢٥ ص ٣١ ، إنّهما للسيّد عمر الهيثمي (أحد أقاربه المعاصرين) وقد استجودهما الآلوسي.