ثمّ أخرج السّهم من قفاه وانبعث الدم كالميزاب (١) ، فوضع يده تحت الجرح فلمّا امتلأت رمى به نحو السّماء وقال : «هوّن عليَّ ما نزل بي ، أنّه بعين الله». فلم يسقط من ذلك الدم قطرة إلى الأرض. (٢). ثمّ وضعها ثانياً فلمّا امتلأت ، لطخ به رأسه ووجهه ولحيته وقال : «هكذا أكون حتّى ألقى الله وجدّي رسول الله (ص) وأنا مخضّب بدمي ، واقول : يا جدّي قتلني فلان وفلان» (٣).
فهوى بضاحية الهجير ضريبة |
|
تحت السّيوف لحدّها المسنون |
وقفت له الأفلاك حين هويه |
|
وتبدّلت حركاتها بسكون |
وبها نعاه الروح يهتف منشداً |
|
عن قلب والهة بصوت حزين |
أضمير غيب الله كيف لك القنا |
|
نفذت وراء حجابه المخزون |
وتصكّ جبهتك السّيوف وإنّها |
|
لَو لا يمينك لَم تكن ليمين |
ما كنت حين صرعت مضعوف القوى |
|
فاقول لم ترفد بنصر معين |
أما وشيبتك الخضيبة إنّها |
|
لأبرّ كل إلية ويمين |
لو كنت تستام الحياة لا رخصت |
|
منها لك الأقدار كلّ ثمين |
أو شئت محو عداك حتّى لا يُرَى |
|
منهم على الغبراء شخص قطين |
لاخذت آفاق البلاد عليهمُ |
|
وشحنت قطَّريها بجيش منون |
حتى بها لم تبق نافخ ضرمة |
|
منهم بكلّ مفاوز وحصون |
لكن دعتك لبذل نفسك عصبة |
|
حان انتشار ضلالها المدفون |
فرأيت أنَّ لقاء ربك باذلا |
|
للنفس أفضل من بقاء ضنين |
فصبرت نفسك حيث تلتهب الظّبى |
|
ضرباً يذيب فؤاد كل رزين |
والحرب تطحن شوسها برحاتها |
|
والرعب يلهم حلم كل رصين |
والسّمر كالاضلاع فوقك تنحني |
|
والبيض تنطبق انطباق جفون |
وقضيت نحبك بين اظهر معشر |
|
حُمِلوا بأخبث اظهر وبطون (٤) |
وأعياه نزف الدم فجلس على الأرض ينوء برقبته ، فانتهى إليه في هذا الحال مالك بن النّسر فشتمه ، ثمّ ضربه بالسّيف على رأسه ، وكان عليه برنس فامتلأ
__________________
(١) نفس المهموم ص ١٨٩ ، ومقتل الخوارزمي ٢ ص ٣٤ ، واللهوف ص ٦٨.
(٢) تهذيب تاريخ ابن عساكر ٤ ص ٣٣٨ ، ومقتل الخوارزمي ٢ ص ٣٤.
(٣) مقتل الخوارزمي ٢ ص ٣٤ ، واللهوف ص ٧٠.
(٤) ديوان السيد حيدر الحلّي رحمه الله.