وا حسيناً فلا نسيت حسيناً |
|
اقصدته أسنَّة الاعداء |
غادروه بكربلاء صريعاً |
|
لا سقى الله جانبي كربلاء (١) |
ولمّا وضح لابن زياد ولولة النّاس ولغط أهل المجلس خصوصاً لمّا تكلّمت معه زينب العقيلة خاف هياج النّاس فأمر الشرطة بحبس الاُسارى في دار إلى جنب المسجد الأعظم (٢) قال حاجب ابن زياد : كنت معهم حين أمر بهم إلى السّجن فرأيت الرجال والنّساء مجتمعين يبكون ويلطمون وجوههم (٣).
فصاحت زينب بالنّاس : لا تدخل علينا إلاّ مملوكة أو اُمّ ولد ؛ فإنّهنّ سُبين كما سُبينا (٤). تشير الحوراء العقيلة إلى أنّ المسبيّة تعرف مضض عناء الذلّ فلا يصدر منها غير المحمود من شماتة وغيرها ، وهذا شيء معروف لا ينكر ، فقد ورد أنّ جسّاس بن مرّة لمّا قَتل كليب بن ربيعة ، وكانت اُخت جسّاس زوجة كليب ، واجتمع نساء الحي للمأتم على كليب ، قلن لأخت كليب : رحّلي جليلة عن مأتمك ؛ فإنّ قيامها فيه شماتة وعار علينا عند العرب فإنّك اُخت واترنا وقاتلنا ، فخرجت وهي تجرّ أذيالها ولمّا رحلت قالت اُخت كليب : رحلة المعتدي وفراق الشامت (٥).
ودعا بهم ابن زياد مرّة اُخرى فلمّا اُدخلوا عليه ، رأين النّسوة رأس الحسين (ع) بين يدَيه والأنوار الإلهيّة تتصاعد من أساريره إلى عنان السّماء ، فلم تتمالك الرباب زوجة الحسين (ع) دون أنْ وقعت عليه تقبّله ، وقالت :
إنَّ الذي كان نوراً يستضاء به |
|
بكربلاء قتيل غير مدفون |
سبط النبيّ جزاك الله صالحة |
|
عنّا وجنبت خسران الموازين |
قد كنتَ لي جبلاً صعبا ألوذ به |
|
وكنتَ تصحبنا بالرحم والدِّين |
مَن لليتامى ومَن للسائلين ومَن |
|
يعنى ويأوى إليه كلّ مسكين |
__________________
(١) تذكرة الخواص ص ١٤٨ : ومن الاشتباه وعدم التدبّر ما جاء في الحماسة البصريّة ١ ص ٢١٤ ، رقم ١٨ ، باب المراثي ، نسبة هذين البيتين إلى عاتكة بنت نفيل زوجة الحسين (ع) فإنّه لَم يذكر الثقات من المؤرّخين تزويج الحسين (ع) منها.
(٢) اللهوف ص ٩١ ، والمقتل الخوارزمي ٢ ص ٤٣.
(٣) روضة الواعظين ص ١٦٣.
(٤) اللهوف ص ٩٢ ، ومقتل العوالم ص ١٣٠.
(٥) الأغاني ٤ ص ١٥٠.