المؤمن إذا أراد أن يتكلّم بكلام تدبّره فى نفسه : فإن كان خيرا أبداه ، وإن كان شرّا واراه ، وإنّ المنافق يتكلّم بما أتى على لسانه : لا يدرى ما ذا له ، وما ذا عليه!! ولقد قال رسول اللّه ، صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : «لا يستقيم إيمان عبد حتّى يستقيم قلبه ، ولا يستقيم قلبه حتّى يستقيم لسانه» فمن استطاع منكم أن يلقى اللّه وهو نقىّ الرّاحة من دماء المسلمين وأموالهم ، سليم اللّسان من أعراضهم ، فليفعل.
واعلموا ، عباد اللّه ، أنّ المؤمن يستحلّ العام ما استحلّ عاما أوّل ، ويحرّم العام ما حرّم عاما أوّل (١) ، وإنّ ما أحدث النّاس لا يحلّ لكم شيئا ممّا حرّم عليكم (٢) ، [و] لكن الحلال ما أحلّ اللّه ، والحرام ما حرّم اللّه ، فقد جرّبتم الأمور وضرّستموها (٣) ووعظتم بمن كان قبلكم ، وضربت لكم الأمثال ،
__________________
(١) يريد أن الأحكام الشرعية إذا ثبتت بطريق النص لم يجز أن تنقض بالاجتهاد ، بل كل ما ورد فيه نص يتبع معه مورد النص فيه ، فما كان لك حلالا عاما أول من هذا الطريق فهو لك حلال فى هذا العام ، وكذلك القول فى التحريم ، وهذا معنى قول علماء الأصول «إن النص مقدم على الاجتهاد» و «أول» فى كلامه لا ينصرف للوصفية ووزن الفعل
(٢) البدع التى أحدثها الناس لا تغير شيئا من حكم اللّه
(٣) ضرسته الحرب : جربته ، أى : جربتموها.