صادعا بها ، وحمل على المحجّة دالاّ عليها ، وأقام أعلام الاهتداء ، ومنار الضّياء ، وجعل أمراس الإسلام متينة (١) ، وعرى الإيمان وثيقة.
منها : فى صفة [عجيب] خلق أصناف من الحيوانات :
ولو فكّروا فى عظيم القدرة ، وجسيم النّعمة ، لرجعوا إلى الطّريق ، وخافوا عذاب الحريق ، ولكنّ القلوب عليلة ، والبصائر مدخولة! ألا ينظرون إلى صغير ما خلق كيف أحكم خلقه ، وأتقن تركيبه ، وفلق له السّمع والبصر ، وسوّى له العظم والبشر (٢)؟
أنظروا إلى النّملة فى صغر جثّتها ، ولطافة هيئتها ، لا تكاد تنال بلحظ البصر ، ولا بمستدرك الفكر ، كيف دبّت على أرضها ، وصبت على رزقها! تنقل الحبّة إلى جحرها ، وتعدّها فى مستقرّها ، تجمع فى حرّها لبردها ، وفى ورودها لصدرها (٣) مكفولة برزقها ، مرزوقة بوفقها ، لا يغفلها المنّان ، ولا يحرمها
__________________
(١) الأمراس : جمع مرس ـ بالتحريك ـ وهو جمع مرسة ـ بالتحريك ـ : وهو الحبل
(٢) جمع بشرة : وهى ظاهر الجلد الانسانى
(٣) الصدر ـ محركا ـ : الرجوع بعد الورود. وقوله «بوفقها» بكسر الواو أو فتحها ، مع سكون الفاء فيهما ـ أى : بما يوافقها من الرزق ويلائم طبعها ، أو بما هو قدر كفايتها منه