ومن هنا يظهر حال الأُجرة أيضاً ، فإنّها لو تلفت في يد المؤجر يضمن عوضها ، إلّا إذا كان المستأجر عالماً ببطلان الإجارة ومع ذلك دفعها إليه.
نعم ، إذا كانت موجودة له أن يستردّها.
______________________________________________________
كان الفساد من أجل كون الإجارة بلا عوض إذ في الحقيقة لا إجارة ولا معاوضة وقتئذٍ ، بل من الأوّل أقدم على المجّانيّة وعلى إلغاء الاحترام كما ذكره ، فلا ضمان حينئذٍ حتى مع الإتلاف فضلاً عن التلف ، والسيرة العقلائيّة قائمة على ذلك حتى في الأعيان ، فلا ضمان فيما لو قال : ألق مالي في البحر. لأنّ المالك هو الذي سلّط القابض على إتلاف العين أو المنفعة مجّاناً.
فالفرض المزبور مصداق بارز لكبرى : ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفساده ، لأنّ هذه المعاملة لو كانت صحيحة لم يكن فيها ضمان لعدم الإقدام عليه لا من الدافع ولا من القابض فكذا في فاسدها. فليس للمؤجّر أن يطالبه بعد ذلك بالبدل ، وهذا ظاهر.
وأمّا في الفرض الأوّل أعني : ما لو كانت الأُجرة ما لا يتموّل شرعاً كالخمر أو الكلب غير الصيود أو الميتة ونحوها ممّا لا تصحّ المعاوضة عليها فيجري فيها الكلام المتقدّم من عدم الإقدام على المجّانيّة ، غايته جعل العوض شيئاً لم يمضه الشارع ، فيكون حاله حال غير الخمر في عدم جواز التصرّف في شيء من الموردين ، ولا يقاس ذلك بالفرض السابق ، لما عرفت من كون الإقدام على الإتلاف هناك مجّانيّا دون المقام.
وإنّما الكلام في الفرض المتوسّط أعني : ما لو كانت الأُجرة ما لا يتموّل عرفاً كالخنفساء فهل هو يلحق بالفرض الأوّل أو الأخير؟