الخياطي فآجر نفسه للغير لكتابة أو عمل الكتابة بعنوان الجعالة فإنّه ليس للمستأجر إجازة ذلك ، لأنّ المفروض أنّه مالك لمنفعة الخياطي فليس له إجازة العقد الواقع على الكتابة ، فيكون مخيّراً بين الأمرين من الفسخ واسترجاع الأُجرة المسمّاة والإبقاء ومطالبة عوض الفائت.
______________________________________________________
ما عدا الفرض الأخير ، أعني : ما لو عمل لغيره بإجارة أو جعالة وكان مغايراً لسنخ العمل المستأجر عليه كما لو استؤجر لمنفعة الخياطة فآجر نفسه لمنفعة الكتابة ، فيفترق الوجهان في أنّ المستأجر ليست له الإجازة هنا ، وإن كانت له هناك كما مرّ لكونه أجنبياً عن الإجارة الثانية بعد اختصاص ملكيّته بغير موردها.
بل هي محكومة بالبطلان ولا تنفعها الإجازة بوجه ، نظراً إلى أنّها لمّا كانت في ظرفها مفوّتة لحقّ الغير لمكان المزاحمة فقد وقعت على وجه غير مشروع ، إذ هو وإن كان مالكاً لتلك المنفعة المضادّة إلّا أنّه من أجل كونه محكوماً بوجوب الوفاء بالإجارة الأُولى فهو بطبيعة الحال ممنوع شرعاً من تسليم هذه المنفعة ، فكان ما صدر منه من العمل على طبق الإجارة الثانية محرّماً في ظرفه لا محالة ، وهو مانع عن كونه مشمولاً لدليل وجوب الوفاء آن ذاك ، ومن الضروري أنّ الإجازة اللاحقة لا تستوجب قلب ما وقع عمّا وقع ولا تغيّره عمّا هو عليه بوجه.
بل لنفرض أنّه من الآن أسقط حقّه وأبرأ الأجير عن ضمان ما ارتكبه ، إلّا أنّ هذا كلّه لا يجدي في قلب الواقع ، ولا يجعل ما وقع في ظرفه على وجه غير مشروع متّصفاً بالمشروعيّة ليشمله دليل الوفاء بالعقد.
اللهمّ إلّا أن يصدر منه الإذن قبل صدور العمل ، وإلّا فالإجازة اللاحقة لا تنفع في تصحيح العمل الصادر على طبق الإجارة السابقة الفاسدة كما لا يخفى.