.................................................................................................
______________________________________________________
أن لم يكن قاصداً لحيازتها ولو لأجل غفلته عن تحقّقها ، فهي باقية بعد على إباحتها الأصليّة ، وبما أنّ المشتري استولى عليها وحازها فلا جرم كان هو المالك لها.
إذن فالظاهر عدم الدليل على اعتبار قصد التملّك في ملكيّة المباحات بالحيازة ، بل هي بنفسها بعد القصد إليها سبب قهري ولو من دون القصد المزبور.
ويرشدك إلى ذلك مضافاً إلى إطلاق معتبرة السكوني المتقدّمة (١) ملاحظة السيرة العقلائيّة ، فلو شاهد أحدٌ صيداً من طير أو غزال فتخيّل أنّه ملك زيد قد طار من وكره أو هرب من مقرّه فأخذه بقصد الردّ إلى صاحبه فظهر خطؤه وأنّه مباح لم يسبقه إليه أحد ، أفهل يحتمل التردّد في استقرار السيرة على ملكيّته له بشبهة أنّه لم يأخذه بقصد التملّك بل بقصد الردّ إلى صاحبه؟
ونحوه ما لو أخذ في طريقه شيئاً من أغصان الأشجار المباحة لا بقصد التملّك ، بل لأجل قضاء حاجته الوقتيّة في سفره من جعلها سريراً لمنامه مثلاً ثمّ طرحها في البيداء ، أفهل يمكن القول بعدم ملكيّته لها لمجرّد عدم قصد التملّك؟ فلو أخذها منه غيره لم يكن به بأس ، لبقائها على إباحتها الأصليّة ، ليس الأمر كذلك قطعاً ، بل من الضروري قيام السيرة العقلائيّة على ملكيّته لها قهراً بمجرّد قصد الاستيلاء عليها وأن تكون تحت سلطانه ولو مؤقّتاً ، سواء أقصد التملّك أيضاً أم لا.
ثمّ إنّا لو تنازلنا وسلمنا اعتبار قصد التملّك فغايته اعتبار أصل القصد في مقابل عدمه وأمّا خصوصيّة من قصد له التملّك فلا مدخل لها ولم يقم أيّ دليل على اعتبارها ، فلو حاز بقصد التملّك لابنه أو جاره أو صديقه كان ملكاً لنفس الحائز المباشر وإن لم يقصد نفسه آخذاً ، بإطلاق المعتبرة كإطلاق السيرة ،
__________________
(١) في ص ٣٤٧.