لجاز أن يقال له : لم فعلت ذلك وتحمّلت فيه المشقّة؟ وإن لم يفعل قبيحا. ولو قلنا : إنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم عوتب على ذلك ، لأنّ ترك التحريم كان أفضل من فعله ، لم يمتنع ، لأنّه يحسن أن يقال لتارك النفل : لم لم تفعله؟ ولم عدلت عنه؟ ولأنّ تطييب قلوب النساء ممّا لا تنكره العقول.
واعلم أنّ العلماء اختلفوا فيمن قال لامرأته : أنت عليّ حرام. فقال مالك : هو ثلاث تطليقات.
وقال أبو حنيفة : إن نوى به الظهار فهو ظهار ، وإن نوى الإيلاء فهو إيلاء ، وإن نوى الطلاق فهو طلاق. وإن نوى ثلاثا كان ثلاثا ، وإن نوى اثنتين فواحدة بائنة.
وإن لم يكن له نيّة فهو يمين.
وقال الشافعي : إن نوى الطلاق كان طلاقا ، أو الظهار كان ظهارا ، وإن لم يكن له نيّة فهو يمين.
وروي عن ابن مسعود وابن عبّاس وعطاء : أنّه يمين.
وقال أصحابنا : إنّه لا يلزم به شيء ، إذ وجوده كعدمه. وهو قول مسروق.
وإنّما أوجب الله فيه الكفّارة ، لأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم حلف أن لا يقرب جاريته ولا يشرب الشراب المذكور ، فأوجب الله عليه أن يكفّر عن يمينه ، ويعود إلى استباحة ما كان حرّمه. وبيّن أنّ التحريم لا يحصل إلّا بأمر الله ونهيه ، ولا يصير الشيء حراما بتحريم منّا إلّا إذا حلفنا على تركه.
(وَاللهُ غَفُورٌ) عن الذنب ، فضلا عن ترك الندب ، فكيف يؤاخذ به؟
(رَحِيمٌ) إذا رجع عن الذنب ، أو إلى ما هو الأولى.
(قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ) قد شرع لكم تحليلها ، وهو حلّ ما عقدته بالكفّارة. وفي هذا دلالة على أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قد حلف ، ولم يقتصر على قوله : هي عليّ حرام ، لأنّ هذا القول ليس بيمين.