وعن مقاتل : أمر الله نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يكفّر عن يمينه ويراجع وليدته ، فأعتق رقبة وعاد إلى مارية.
وعن الحسن : أنّه لم يكفّر ، وإنّما هو تعليم للمؤمنين.
وقيل : معناه : شرع الله لكم الاستثناء.
(وَاللهُ مَوْلاكُمْ) متولّي أموركم (وَهُوَ الْعَلِيمُ) بما يصلحكم ، فيشرعه لكم (الْحَكِيمُ) المتقن في أفعاله وأحكامه ، فلا يأمركم ولا ينهاكم إلّا بما توجبه الحكمة. وقيل : مولاكم أولى بكم من أنفسكم ، فكانت نصيحته أنفع لكم من نصائحكم لأنفسكم.
(وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ) يعني : حفصة (حَدِيثاً) تحريم مارية أو العسل ، أو أنّ أبا بكر وعمر يملكان (فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ) أي : فلمّا أخبرت حفصة عائشة بالحديث وأفشته إليها (وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ) وأطلع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم على الحديث ـ أي : على إفشائه ـ على لسان جبرئيل (عَرَّفَ بَعْضَهُ) عرّف الرسول حفصة بعض ما فعلت (وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ) عن إعلام بعض تكرّما ، وعملا بمكارم الأخلاق. قال سفيان : ما زال التغافل من فعل الكرام. وقال الحسن : ما استقصى كريم قطّ.
وقرأ الكسائي بالتخفيف ، على معنى : جازى عليه. من قولك للمسيء : لأعرفنّ لك ذلك ، وقد عرفت ما صنعت. ومنه : (أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ) (١). وهذا كثير في القرآن. وكان جزاؤه تطليقه إيّاها ، فطلّقها ثم راجعها بأمر الله. لكنّ المشدّد من باب إطلاق المسبّب على السبب ، والمخفّف بالعكس.
ويؤيّد الأوّل قوله : (فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ) بجميع الأمور (الْخَبِيرُ) بسرائر الصدور ، فإنّه أوفق للإعلام.
__________________
(١) النساء : ٦٣.