(إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ) من التعاون على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بالإيذاء والتظاهر عليه ، فقد حقّ عليكما التوبة ، ووجب عليكما الرجوع إلى الحقّ. والخطاب لحفصة وعائشة على الالتفات ، للمبالغة في معاتبتهما. فقد روى البخاري في الصحيح عن ابن عبّاس قال : «قلت لعمر بن الخطّاب : من المرأتان اللّتان تظاهرتا على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ قال : هما عائشة وحفصة» (١).
ويدلّ على حذف جزاء الشرط قوله : (فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) مالت إلى الإثم ، وزاغت عن مخالصة الرسول ، وحبّ ما يحبّه ، وكراهة ما يكرهه. من : صغت النجوم إذا مالت للغروب.
(وَإِنْ تَظاهَرا) تتظاهرا (عَلَيْهِ) أي : تتعاونا بما يسوءه ، من إفشاء سرّه وغيره. وقرأ الكوفيّون بالتخفيف.
(فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ) وليّه وناصره. وزيادة «هو» إيذان بأنّ نصرته عزيمة من عزائمه ، وأنّه يتولى ذلك بذاته.
(وَجِبْرِيلُ) قرن ذكر جبريل بذكره مفردا له من بين الملائكة ، تعظيما له ، وإظهارا لمكانته عنده ، فإنّه رئيس الملائكة الكرّوبيّين (وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ) ومن صلح العمل من المؤمنين. يعني : كلّ من آمن وعمل صالحا أتباعه وأعوانه.
فـ «صالح» جنس ، ولذلك عمّم بالإضافة ، فأريد به الجمع ، كقولك : لا يفعل هذا الصالح من الناس ، تريد الجنس. وكقولك : لا يفعله من صلح منهم. ويجوز أن يكون أصله : وصالحوا المؤمنين ، فكتب بغير واو على اللفظ ، لأنّ تلفّظ الواحد والجمع فيه واحد ، كما جاءت أشياء في المصحف متبوع فيها حكم اللفظ دون وضع الخطّ.
ووردت الرواية من طريق الخاصّ والعامّ أنّ المراد بصالح المؤمنين
__________________
(١) صحيح البخاري ٦ : ١٩٦.