أثره : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي : يقال لهم ذلك عند دخولهم النار. والنهي عن الاعتذار لأنّه لا عذر لهم ، أو لا ينفعهم الاعتذار.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً) بالغة في النصح. وهو الخلوص لوجه الله. يقال : عسل ناصح إذا خلص من الشمع. ورجل ناصح الجيب ، أي : نقيّ القلب. أو في النصاحة ، وهي الخياطة ، كأنّها تنصح ـ أي : ترفو ـ ما خرق الذنب وترمّ خلله. وصفت به التوبة على الإسناد المجازي مبالغة. وحقيقة : صفة التائبين ، وهو أن ينصحوا بالتوبة أنفسهم ، فيأتوا على طريقها متداركة للفرطات ، ماحية للسيّئات. وذلك أن يتوبوا على القبائح لقبحها ، نادمين عليها ، مغتمّين أشدّ الاغتمام لارتكابها ، عازمين على أنّهم لا يعودون في قبيح من القبائح إلى أن يعود اللبن في الضرع ، موطّنين أنفسهم على ذلك.
وعن عليّ عليهالسلام : «أنّه سمع أعرابيّا يقول : اللهمّ إنّي أستغفرك وأتوب إليك.
فقال : إنّ سرعة اللسان بالتوبة توبة الكذّابين. قال : وما التوبة؟ قال : يجمعها ستّة أشياء : على الماضي من الذنوب الندامة ، وللفرائض الإعادة ، وردّ المظالم ، واستحلال الخصوم ، وأن تعزم على أن لا تعود ، وأن تذيب نفسك في طاعة الله كما ربّيتها في المعصية ، وأن تذيقها مرارة الطاعات كما أذقتها حلاوة المعاصي».
وعن حذيفة : بحسب الرجل من الشرّ أن يتوب عن الذنب ثمّ يعود فيه.
وعن شهر بن حوشب : أن لا يعود ولو حزّ بالسيف وأحرق بالنار.
ويجوز أن يراد : توبة تنصح الناس ، أي : تدعوهم إلى مثلها ، لظهور اثرها في صاحبها ، واستعماله الجدّ والعزيمة في العمل على مقتضياتها.
ويؤيّده ما روي عن السدّي أنّه قال : لا تصحّ التوبة إلّا بنصيحة النفس والمؤمنين ، لأنّ من صحّت توبته أحبّ أن يكون الناس مثله.