(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ تَبارَكَ) تزايد وتعالى ، وتعاظم عن صفات المخلوقين في صفاته وأفعاله. أو تكاثر خيره. من البركة ، وهي كثرة الخير. (الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ) بقبضة قدرته التصرّف في الأمور كلّها كيف يشاء. وذكر اليد مجاز عن الإحاطة بالملك والاستيلاء عليه.
(وَهُوَ عَلى كُلِ) كلّ ما يشاء (قَدِيرٌ) فيفعل كلّ ما تقتضيه حكمته ومصلحته.
(الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ) قدّرهما. أو أوجد الحياة وأزالها حسبما قدّره.
والحياة ما يصحّ بوجوده الإحساس. وقيل : ما يوجب كون الشيء حيّا ، وهو الّذي يصحّ منه أن يعلم ويقدر. والموت عدم ذلك فيه. ومعنى خلق الموت والحياة : إيجاد ذلك المصحّح وإعدامه.
والمعنى : أنّه سبحانه أعطاكم الحياة الّتي تقدرون بها على العمل ، وتستمكنون منه ، وسلّط عليكم الموت الّذي هو داعيكم إلى اختيار العمل الحسن على القبيح ، لأنّ وراءه البعث والجزاء الّذي لا بدّ منه. وقدّم الموت على الحياة لقوله : (وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ) (١). ولأنّه أدعى إلى حسن العمل ، فإنّ أقوى الناس داعيا إلى العمل من نصب موته بين عينيه فقدّم ، لأنّه فيما يرجع إلى الغرض المسوق له الآية أهمّ. ولأنّه إلى القهر أقرب.
(لِيَبْلُوَكُمْ) ليعاملكم معاملة المختبر بالتكليف أيّها المكلّفون (أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) أصوبه وأخلصه ، لأنّه إذا كان خالصا غير صواب لم يقبل. وكذلك إذا كان صوابا غير خالص. فالخالص أن يكون لوجه الله ، والصواب أن يكون على السنّة.
وجاء مرفوعا أنّ أبا قتادة قال : سألت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن قوله (أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً). قال : «أتمّكم عقلا ، وأشدّكم لله خوفا ، وأحسنكم فيما أمر الله به
__________________
(١) البقرة : ٢٨.