والجملة صفة ثانية لـ «سبع» وضع فيها «خلق الرحمن» موضع الضمير للتعظيم ، والإشعار بأنّه تعالى يخلق مثل ذلك بقدرته الباهرة رحمة وتفضّلا ، وأنّ في إبداعها نعما جليلة لا تحصى. والخطاب فيها للرسول ، أو لكلّ مخاطب.
وقوله : (فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ) متعلّق بـ «ما ترى» على معنى التسبيب ، أي : قد نظرت إليها مرارا فانظر إليها مرّة اخرى متأمّلا فيها ، لتعاين ما أخبرت به من تناسبها واستقامتها واستجماعها ما ينبغي لها. والفطور : الشقوق والصدوع ، جمع فطر. والمراد الخلل ، من : فطره إذا شقّه. ومنه : فطر ناب البعير ، كما يقال : شقّ.
(ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ) أي : رجعتين أخريين في ارتياد الخلل ، لأنّ من نظر في الشيء كرّة بعد اخرى بان له ما لم يكن بائنا. والمراد بالتثنية التكرير والتكثير ، كما في : لبّيك وسعديك. تريد إجابات كثيرة بعضها في أثر بعض. ولذلك أجاب الأمر بقوله : (يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً) بعيدا عن إصابة المطلوب ونيل المراد ، كأنّه طرد عنه طردا بالصغار والتذلّل ، كذلّة من طلب شيئا فلم يجده وأبعد عنه (وَهُوَ حَسِيرٌ) كليل من طول المعاودة وكثرة المراجعة.
(وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ وَأَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابَ السَّعِيرِ (٥) وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٦) إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ (٧) تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (٨) قالُوا بَلى