غليان المرجل (١) بما فيه.
(تَكادُ تَمَيَّزُ) تتفرّق (مِنَ الْغَيْظِ) من شدّة غضبها عليهم. وهو تمثيل لشدّة اشتعالها بهم. ويجوز أن يراد غيظ الزبانية. (كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ) جماعة من الكفرة (سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها) أي : قال لهم الملائكة الموكّلون بالنار على وجه التوبيخ والتبكيت : (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ) يخوّفكم بهذا العذاب.
(قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا) ولم نقبل منهم (وَقُلْنا ما نَزَّلَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ) ممّا تدعوننا إليه وتحذّروننا منه (إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ) فكذّبنا الرسل ، وأفرطنا في التكذيب حتّى نفينا الإنزال والإرسال رأسا ، وبالغنا في نسبتهم إلى الضلال. فالنذير إمّا بمعنى الجمع ، لأنّه فعيل. أو مصدر مقدّر بمضاف ، أي : أهل إنذار. أو منعوت به للمبالغة. أو الواحد ، والخطاب له ولأمثاله على التغليب. أو إقامة تكذيب الواحد مقام تكذيب الكلّ. أو على أنّ المعنى : قالت الأفواج قد جاء إلى كلّ فوج منّا رسول من الله فكذّبناهم وضلّلناهم.
وقيل : الخطاب من كلام الزبانية للكفّار على إرادة القول. فيكون الضلال ما كانوا عليه في الدنيا ، أو المراد عقابه الّذي يكونون فيه في الآخرة. فأرادوا بالضلال الهلاك ، أو سمّوا عقاب الضلال باسمه.
(وَقالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ) كلام الرسل فنقبله جملة من غير بحث وتفتيش ، اعتمادا على ما لاح من صدقهم بالمعجزات (أَوْ نَعْقِلُ) نتفكّر في حكمه ومعانيه تفكّر المستبصرين (ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ) في عدادهم وجملتهم.
(فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ) حين لا ينفعهم. والاعتراف إقرار عن معرفة. والذنب لم يجمع ، لأنّه في الأصل مصدر ، أو المراد به الكفر.
(فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ) فأسحقهم الله سحقا ، أي : أبعدهم من رحمته.
__________________
(١) المرجل : القدر.