(أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ) من ملكوته في السماء ، لأنّها مسكن ملائكته ، وثمّ عرشه وكرسيّه واللوح المحفوظ ، ومنها تنزل قضاياه وكتبه وأوامره ونواهيه. أو الملك الموكّل بعذاب العصاة. أو على زعم العرب ، فإنّهم كانوا يعتقدون التشبيه ، وأنّه في السماء ، وأنّ الرحمة والعذاب ينزلان منه ، وكانوا يدعونه من جهتها ، فقيل لهم على حسب اعتقادهم : ء أمنتم من تزعمون أنّه في السماء وهو متعال عن المكان؟! وعن ابن كثير برواية قنبل : وأمنتم ، بقلب الهمزة الأولى واوا ، لانضمام ما قبلها. وآمنتم ، بقلب الثانية ألفا. وهو قراءة نافع برواية ورش وأبي عمرو ورويس.
(أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ) فيغيّبكم فيها إذا عصيتموه ، كما فعل بقارون. وهو بدل من بدل الاشتمال. (فَإِذا هِيَ تَمُورُ) تضطرب. والمور التردّد في المجيء والذهاب. وذلك بأن يحرّك الأرض عند الخسف بهم ، حتّى تضطرب فوقهم وهم يخسفون فيها ، حتّى تلقيهم إلى أسفل.
(أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً) أي : ريحا ذات حجر ، كما أرسل على قوم لوط حجارة من السماء. أو سحابا يمطر عليكم الحصباء.
(فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ) أي : إذا رأيتم المنذر به علمتم كيف إنذاري ، وحينئذ لا ينفعكم العلم.
ثمّ سلّى رسوله ، وهدّد قومه بقوله : (وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) إنكاري عليهم بإنزال العذاب واستئصالهم.
(أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الرَّحْمنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (١٩) أَمَّنْ هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ