(وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) إذ تتحمّل من قومك ما لا يتحمّل أمثالك. وقيل : هو الخلق الّذي أمره الله به في قوله : (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) (١).
وعن عائشة : أنّ سعيد بن هشام سألها عن خلق رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقالت : كان خلقه القرآن ، ألست تقرأ القرآن (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) (٢). وقريب منه : أنّ معناه : إنّك متخلّق بأخلاق الإسلام ، ومتأدّب بآدابه.
وقيل : سمّي خلقه عظيما لاجتماع مكارم الأخلاق فيه. ويعضده ما روي عنه أنّه قال : «إنّما بعثت لأتمّم مكارم الأخلاق».
وقال : «أدّبني ربّي فأحسن تأديبي».
وقال عليهالسلام : «إنّ المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة قائم الليل وصائم النهار».
وعن أبي الدرداء قال : قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ما شيء أثقل في الميزان من خلق حسن».
وعن الرضا عليّ بن موسى عليهالسلام عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «عليكم بحسن الخلق ، فإنّ حسن الخلق في الجنّة لا محالة. وإيّاكم وسوء الخلق ، فإنّ سوء الخلق في النار لا محالة».
(فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ * بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ) أيّكم الّذي فتن بالجنون. والباء مزيدة. أو بأيّكم الجنون ، على أنّ المفتون مصدر ، كالمعقول والمجلود. أو بأيّ الفريقين منكم المجنون ، أبفريق المؤمنين؟ أم بفريق الكافرين؟ أي : في أيّهما يوجد من يستحقّ هذا الاسم. وهذا تعريض بأبي جهل بن هشام والوليد بن المغيرة وأضرابهما. وهذا كقوله : (سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ) (٣).
__________________
(١) الأعراف : ١٩٩.
(٢) المؤمنون : ١
(٣) القمر : ٦.