من مرارة الموت وشدّته ، فتمنّاه عندها. أو يا ليت حياة الدنيا كانت الموتة ، ولم أخلق فيها حيّا.
(ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ) مالي من المال والتبع من عذاب الله شيئا. و «ما» نفي ، والمفعول محذوف. أو استفهام إنكار مفعول لـ «أغنى» أي : أيّ شيء أغنى عنّي ما كان لي من اليسار؟
(هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ) ملكي وتسلّطي على الناس ، فبقيت فقيرا ذليلا. وعن ابن عبّاس : أنّها نزلت في الأسود بن عبد الأشدّ ، أي : ضلّت عنّي حجّتي الّتي كنت أحجّ بها في الدنيا وبطلت.
وقرأ حمزة : عنّي ، مالي ، عنّي ، سلطاني ، بحذف الهاء في الوصل. والباقون بإثباتها في الحالين.
ثمّ أخبر سبحانه أنّه يقول لخزنة النار : (خُذُوهُ فَغُلُّوهُ) أوثقوه بالغلّ ، وهو أن تشدّ إحدى يديه ورجليه إلى عنقه بجامعة.
(ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ) ثمّ لا تصلّوه إلّا الجحيم ، وهي النار العظمى ، لأنّه كان يتعظّم على الناس. يقال : صلى النار ، وصلّاه النار.
(ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً) أراد بذلك الوصف بالطول ، كما قال : (إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً) (١). يريد مرّات كثيرة.
قال نوف البكالي : كلّ ذراع سبعون باعا ، والباع أبعد ممّا بينك وبين مكّة ، وكان في رحبة الكوفة.
وقال سويد بن نجيح : إنّ جميع أهل النار في تلك السلسلة ، ولو أنّ حلقة منها وضعت على جبل لذاب من حرّها.
(فَاسْلُكُوهُ) فأدخلوه فيها ، بأن تلفّوها على جسده ، وهو فيما بينها مرهق
__________________
(١) التوبة : ٨٠.