على جواب القسم.
ويفهم من هذا الكلام إنكارهم البعث ، من حيث إنّه احتجاج عليهم بالنشأة الأولى ، كالاحتجاج بها عليهم في مواضع من التنزيل ، وذلك قوله : (خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ) أي : من النطف. وبالقدرة على أن يهلكهم ويبدّل ناسا خيرا منهم. وأنّه تعالى ليس بمسبوق على ما يريد تكوينه ، لا يعجزه شيء. والغرض أنّ من قدر على ذلك لم تعجزه الإعادة ، وهم ينكرون ذلك عنادا ولجاجا مع علمهم بذلك.
(فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا) في باطلهم (وَيَلْعَبُوا) في دنياهم (حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ) مرّ تفسيره في آخر سورة الطور (١).
(يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً) من القبور مسرعين. جمع سريع. (كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ) شيء منصوب للعبادة ، أو إلى علم نصب لهم (يُوفِضُونَ) يسرعون إلى الداعي مستبقين كما كانوا يستبقون إلى أنصابهم. وقرأ ابن عامر وحفص : نصب بضمّ النون والصاد. والباقون بفتح النون وسكون الصاد.
(خاشِعَةً) ذليلة خاضعة (أَبْصارُهُمْ) لا يرفعونها لذلّتهم (تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ) تغشاهم مذلّة. وقد مرّ (٢) تفسيره أيضا. (ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ) به في الدنيا فلا يصدّقون به ويجحدونه ، وقد شاهدوه في تلك الحال.
__________________
(١) راجع ج ٦ ص ٤٩٧ ، ذيل الآية (٤٥) من سورة الطور.
(٢) راجع ص ١٥٣ ، ذيل الآية (٤٣) من سورة القلم.