الجهار ، فنصب به نصب القرفصاء (١) بـ : قعد ، لكونها أحد أنواع القعود. أو لأنّه أراد بـ «دعوتهم» جاهرتهم. ويجوز أن يكون صفة لمصدر : دعا ، أي : دعاء جهارا ، أي : مجاهرا به. أو مصدرا في موضع الحال ، أي : مجاهرا.
(فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ) أي : اطلبوا منه المغفرة على كفركم ومعاصيكم (إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً) للتائبين. أمرهم بالاستغفار الّذي هو التوبة عن الكفر والمعاصي.
وكأنّهم لمّا أمرهم بالعبادة قالوا : إن كنّا على حقّ فلا نتركه ، وإن كنّا على باطل فكيف يقبلنا ويلطف بنا من عصيناه. فأمرهم بما يجبّ معاصيهم ، ويجلب إليهم المنح.
وقيل : لمّا طالت دعوتهم ، وتمادى إصرارهم ، حبّس الله عنهم القطر أربعين سنة ، وروي سبعين ، وأعقم أرحام نسائهم ، فوعدهم بالمطر والخصب على الاستغفار عمّا كانوا عليه ، فقال :
(يُرْسِلِ السَّماءَ) المظلّة ، لأنّ المطر منها ينزل إلى السحاب. أو السحاب.
أو المطر ، من قوله : إذا نزل السماء بأرض قوم (٢).
(عَلَيْكُمْ مِدْراراً) كثير الدرور. ويستوي في مفعال المذكّر والمؤنّث ، كقولهم : رجل أو امرأة معطار ومتفال. والآية سبب مشروعيّة الاستغفار في الاستسقاء.
(وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ) بساتين من أنواع الثمار (وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً) قدّم نوح عليهالسلام إليهم الموعد بما هو أبلغ وأوقع في نفوسهم وأحبّ إليهم ، من المنافع الحاضرة والفوائد العاجلة ، ترغيبا في الإيمان وبركاته ،
__________________
(١) القرفصاء : هي أن يجلس الرجل على أليتيه ويلصق فخذيه ببطنه ويحتبي بيديه ، أو يجلس على ركبتيه ويلصق بطنه بفخذيه. يقال : قعد القرفصاء ، أي : قعد على الهيئة المذكورة.
(٢) وعجزه : رعيناه وإن كانوا غضابا