المختبر في شدّة التعبّد ، بتكليف الانصراف عمّا تدعو شهواتهم إليه ، وفي ذلك المحنة الشديدة ، والمثوبة على قدر المشقّة في الصبر عمّا تدعو إليه الشهوة.
ويجوز أن يكون معناه : وأن لو استقام الجنّ الّذين استمعوا على طريقتهم الّتي كانوا عليها قبل الإسماع ، ولم ينتقلوا عنها إلى الإسلام ، لوسّعنا عليهم الرزق مستدرجين لهم لنفتنهم فيه ، أي : لتكون النعمة سببا في اتّباعهم شهواتهم ، ووقوعهم في الفتنة ، وازديادهم إثما ، أو لنعذّبهم في كفران النعمة.
وقيل : ضمير الجمع راجع إلى الإنس. وعن مقاتل : أراد به مشركي مكّة ، أي : لو آمنوا واستقاموا على طريقة الإيمان لأسقيناهم ماء كثيرا ، وذلك بعد ما رفع عنهم القطر سبع سنين.
وعن أبي بصير قال : «قلت لأبي جعفر عليهالسلام : أخبرني عن قول الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا) (١). قال : هو والله ما أنتم عليه ، ولو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا».
وعن بريد العجلي عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «معناه : لأفدناهم علما كثيرا يتعلّمونه من الأئمّة».
وقيل : راجع إلى الجنّ والإنس كليهما.
(وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ) عن عبادته ، أو موعظته ، أو وحيه (يَسْلُكْهُ) يدخله. وقرأ غير الكوفيّين بالنون. (عَذاباً صَعَداً) شاقّا يعلو المعذّب ويغلبه.
مصدر وصف به. والأصل : نسلكه في عذاب ، كقوله : (ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ) (٢).
فعدّي إلى مفعولين ، إمّا بحذف الجارّ وإيصال الفعل ، كقوله : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ) (٣). وإمّا بتضمينه معنى : ندخله.
__________________
(١) فصّلت : ٣٠.
(٢) المدّثّر : ٤٢.
(٣) الأعراف : ١٥٥.