سنة حتّى يدرك غلّة سنة أخرى ، فهو ممدود على الأيّام. وكان له بستان بالطائف لا تنقطع ثماره صيفا وشتاء ، وما بين مكّة إلى الطائف من الإبل المؤبّلة (١) ، والخيل المسوّمة ، والنعم المرحّلة (٢) ، والمستغلّات الّتي لا تنقطع غلّتها ، والجواري والعبيد ، والعين الكثيرة. وعن مجاهد : كان له مائة ألف دينار. وقيل : ألف ألف.
(وَبَنِينَ شُهُوداً) حضورا معه بمكّة يتمتّع بلقائهم ويستأنس بهم ، لا يشتغل قلبه بغيبتهم ، ولا يحزن لفراقهم. ولا يحتاجون إلى سفر لطلب المعاش ، لأنّهم مكفيّون ، لوفور نعمة أبيهم ، فاستغنوا عن التكسّب وطلب المعاش بأنفسهم. ولا يحتاج هو أن يرسلهم في مصالحه ، لكثرة خدمه. أو يشهدون معه في المحافل والمجامع ، لوجاهتهم واعتبارهم. أو تسمع شهاداتهم فيما يتحاكم فيه.
وعن مجاهد : كان له عشرة بنين. وقيل : ثلاثة عشر. وقال مقاتل : سبعة : الوليد بن الوليد ، وخالد ، وعمارة ، وهشام ، والعاص ، وقيس ، وعبد شمس. أسلم منهم ثلاثة : خالد ، وهشام ، وعمارة.
(وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً) وبسطت له الرئاسة والجاه العريض. ومنه قولهم : أدام الله تأييدك وتمهيدك ، يريدون زيادة الجاه والحشمة. وكان الوليد من وجهاء قريش وصناديدهم ، ولذلك لقّب ريحانة قريش والوحيد بسبب استحقاق الرئاسة والتقدّم.
(ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ) على ما أعطيته. وهو استبعاد واستنكار لطمعه ، إمّا لأنّه لا مزيد على ما أوتي سعة وكثرة ، أو لأنّه لا يناسب ما هو عليه من كفران النعم ومعاندة المنعم. وقيل : إنّه كان يقول : إن كان محمّد صادقا فما خلقت الجنّة إلّا لي.
ولذلك قال : (كَلَّا) ردعا له عن الطمع وقطع رجائه. ثمّ علّل الردع على سبيل الاستئناف بقوله : (إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً) أي : عاند آيات المنعم وكفّر بذلك نعمته ،
__________________
(١) أي : المتّخذة والمقتناة ، أو المجتمعة.
(٢) المرحّل من النعم : الّذي شدّ عليه الرّحل.