الكبرى.
ولمن حمل ذلك على أمارات الموت أن يفسّر الخسوف بذهاب ضوء البصر ، والجمع باستتباع الروح ـ الّتي هي بمنزلة القمر ـ الحاسّة ـ الّتي هي بمنزلة الشمس ـ في الذهاب. أو بوصوله إلى من كان يقتبس منه نور العقل من سكّان القدس.
وتذكير الفعل لتقدّمه ، وتغليب المعطوف.
(يَقُولُ الْإِنْسانُ) المكذّب بالقيامة (يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ) أين الفرار؟ أو مكان الفرار. وقال الزجّاج : المفرّ بالفتح : الفرار ، والمفرّ بالكسر : مكان الفرار. والمعنى : يقول ذلك قول الآيس من وجدانه المتمنّي.
(كَلَّا) ردع عن طلب المفرّ (لا وَزَرَ) لا ملجأ ولا مهرب لهم. وكلّ ما التجأت إليه من جبل أو غيره وتخلّصت به فهو وزرك. ومنه : الوزير الّذي يلجأ إليه في الأمور. واشتقاقه من الوزر ، وهو الثقل.
(إِلى رَبِّكَ) إليه وحده (يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ) استقرار العباد ، أي : لا يقدرون أن يستقرّوا إلى غيره. أو إلى حكمه استقرار أمرهم ، لا يحكم فيها غيره ، كقوله :
(لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ) (١). أو إلى مشيئته موضع قرارهم من جنّة أو نار ، فيدخل من يشاء الجنّة ومن يشاء النار ، على وفق حكمته.
(يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ) بما قدّم من عمل عمله ، وبما أخّر منه لم يعمله. أو بما قدّم من عمل الخير والشرّ ، وبما أخّر من سنّة حسنة أو سيّئة عمل بها بعده. أو بما قدّم من مال تصدّق به ، وبما أخّر فخلّفه. وعن ابن عبّاس : بما قدّم من المعاصي ، وبما أخّر من الطاعات. وعن مجاهد : بأوّل عمله وآخره. ونحوه : (فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا أَحْصاهُ اللهُ وَنَسُوهُ) (٢).
__________________
(١) غافر : ١٦.
(٢) المجادلة : ٦.