النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد هذا إذا نزل عليه جبرئيل أطرق ، فإذا ذهب قرأ.
وهو دليل على جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب ، واعتراض بما هو تأكيد للتوبيخ على حبّ العجلة ، لأنّ العجلة إذا كانت مذمومة فيما هو أهمّ الأمور الدينيّة ، ففي الأمور الدنياويّة الموجبة لترك الاهتمام بالآخرة بطريق الأولى.
(كَلَّا) ردع للرسول عن عادة العجلة ، وإنكار لها عليه ، وحثّ على الأناة والتؤدة. وقد بالغ في ذلك بإتباعه قوله : (بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ) فعمّم الخطاب إشعارا بأنّ بني آدم لفرط عجلتهم كأنّهم مطبوعون على الاستعجال. والمعنى : بل أنتم يا بني آدم تعجلون في كلّ شيء ، ومن ثمّ تحبّون العاجلة.
(وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ) فتعملون للدنيا لا للآخرة ، جهلا منكم. وقيل : «كلّا» ردع للإنسان المذكور في صدر السورة عن الاغترار بالعاجل. والمراد به الجنس. فجمع الضمير للمعنى. ويؤيّده قراءة ابن كثير وابن عامر والبصريّين بالياء في الفعلين. والمعنى : لا تتدبّرون القرآن وما فيه من البيان ، بل تحبّون الدنيا الدنيّة السريعة الزوال ، وتذرون الآخرة الّتي هي دار القرار من غير زوال ولا انتقال.
(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (٢٢) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ (٢٣) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ (٢٤) تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ (٢٥) كَلاَّ إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ (٢٦) وَقِيلَ مَنْ راقٍ (٢٧) وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ (٢٨) وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (٢٩) إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ (٣٠) فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى (٣١)