وهذا المعنى مرويّ عن مجاهد والحسن وسعيد بن جبير والضحّاك. وهو المرويّ عن عليّ عليهالسلام.
وما قيل : إنّ النظر بمعنى الانتظار لا يدعى بـ «إلى». يأباه قول شعرائهم في أشعارهم. وكفى في ردّ هذا القول قول أكابر الصحابة ـ الّذين من جملتهم الامام المعصوم عليهالسلام ـ أنّ معنى ناظرة : منتظرة.
وقيل : «إلى» اسم ، وهو واحد الآلاء الّتي هي النعم. والمعنى : نعمة ربّها ناظرة.
ولا يجوز أن يكون المعنى : تنظر إلى ربّها خاصّة لا تنظر إلى غيره ، على مقتضى تقديم المفعول ، كما في قوله : (إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ) (١) (إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ) (٢). (أَلا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ) (٣). (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (٤). (عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) (٥). وكيف دلّ فيها التقديم على معنى الاختصاص؟ فإنّه معلوم أنّ المؤمنين ينظرون إلى أشياء لا يحيط بها الحصر ، من أنواع نعم الجنّة ، ومشاهدتهم المعذّبين في النار. فالاختصاص بنظرهم إليه لو كان منظورا إليه محال ، فوجب حمله على المعنيين الأوّلين.
وأيضا كلّ منظور إليه بالعين مشار إليه بالحدقة واللحاظ ، والله تعالى منزّه عن أن يشار إليه بالعين ، كما جلّ سبحانه عن أن يشار إليه بالأصابع.
وأيضا الرؤية بالحاسّة لا تتمّ إلّا بالمقابلة والتوجّه ، والله يتعالى عن
__________________
(١) القيامة : ١٢.
(٢) القيامة : ٣٠.
(٣) الشورى : ٥٣.
(٤) البقرة : ٢٤٥.
(٥) هود : ٨٨.