أصوع من شعير. فطحنت فاطمة صاعا ، واختبزت خمسة أقراص على عددهم ، فوضعوها بين أيديهم ليفطروا ، فوقف عليهم سائل ، فقال : السّلام عليكم أهل بيت محمّد ، مسكين من مساكين المسلمين ، أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنّة.
فآثروه وباتوا لم يذوقوا إلّا الماء ، وأصبحوا صياما. فلمّا أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم يتيم ، فآثروه. ووقف عليهم أسير في الثالثة ، ففعلوا مثل ذلك.
فلمّا أصبحوا أخذ عليّ عليهالسلام بيد الحسن والحسين وأقبلوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلمّا أبصرهم وهم يرتعشون كالفراخ من شدّة الجوع قال : ما أشدّ ما يسوءني ما أرى بكم. وقام فانطلق معهم فرأى فاطمة في محرابها قد التصق ظهرها ببطنها وغارت عيناها ، فساءه ذلك. فنزل جبرئيل عليهالسلام وقال : خذها يا محمّد هنّأك الله في أهل بيتك ، فأقرأه السورة» (١).
ومثل ذلك روى البيضاوي في تفسيره (٢). ونعم ما قيل :
إلى م ألام وحتّى متى |
|
أعاتب في حبّ هذا الفتى |
فهل زوّجت فاطم غيره |
|
وفي غيره هل أتى هل أتى؟ |
وقوله : (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ) استئناف ببيان ما رزقوه لأجله ، كأنّه سئل عنه فأجيب بذلك. وهو أبلغ في وصفهم بالتوفّر على أداء الواجبات ، لأنّ من وفى بما أوجبه على نفسه لله كان أوفى بما أوجبه الله عليه.
(وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ) شدائده (مُسْتَطِيراً) فاشيا منتشرا غاية الانتشار. من : استطار الحريق والفجر. وهو أبلغ من : طار ، كما أنّ استنفر أبلغ من : نفر. وفيه إشعار بحسن عقيدتهم واجتنابهم عن المعاصي.
(وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ) حبّ الطعام ، أي : مع اشتهائه والحاجة إليه.
__________________
(١) الكشّاف ٤ : ٦٧٠.
(٢) أنوار التنزيل ٥ : ١٦٥.