والصديد الّذي يسيل من أبدان أهل النار في النار. وقيل : أراد بحار جهنّم ، لأنّ بحور الدنيا قد فنيت. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وروح بالتخفيف.
(وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) قرنت بالأجساد. أو كلّ منها قرنت بشكلها من أهل النار ، وبشكلها من أهل الجنّة. أو بكتابها وعملها. أو نفوس المؤمنين بالحور ، ونفوس الكافرين بالشياطين. وقيل : يقرن الغاوي بمن أغواه ، من إنسان أو شيطان.
(وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ) المدفونة حيّة. من : وأد يئد ، مقلوب من : آد يؤد إذا أثقل.
قال الله تعالى : (وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما) (١) لأنّه إثقال بالتراب (سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) تبكيتا لوائدها ، كتبكيت النصارى بقوله تعالى لعيسى عليهالسلام : (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ) (٢). وإنّما قيل : «قتلت» بناء على أنّ الكلام إخبار عنها. ولو حكى ما خوطبت به حين سئلت لقيل : قتلت. وكانت العرب تئد البنات مخافة الإملاق أو لحوق العار بهم من أجلهنّ. وكانوا يقولون : إنّ الملائكة بنات الله ، فنلحق البنات بهنّ ، فيقولون : إنّهنّ أحقّ بهنّ.
وفي الكشّاف : «كان الرجل في الجاهليّة إذا ولدت له بنت فأراد أن يستحييها ألبسها جبّة من صوف أو شعر ، ترعى له الإبل والغنم في البادية. وإن أراد قتلها تركها حتّى إذا كانت سداسيّة ـ أي : بلغت قامتها ستّة أشبار ـ فيقول لأمّها : طيّبيها وزيّنيها حتّى أذهب بها إلى أحمائها ، وقد حفر لها بئرا في الصحراء ، فيبلغ بها البئر فيقول لها : انظري فيها ، ثمّ يدفعها من خلفها ، ويهيل عليها التراب حتّى تستوي البئر بالأرض» (٣).
وعن ابن عبّاس : كانت الحامل إذا أقربت حفرت حفيرة فتمخّضت على
__________________
(١) البقرة : ٢٥٥.
(٢) المائدة : ١١٦.
(٣) الكشّاف ٤ : ٧٠٨.