وقيل : عسعس إذا أقبل ظلامه. فهو من الأضداد.
(وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ) أي : طلع وظهرت إضاءته. ولمّا كان إقبال الصبح مع إقبال روح ونسيم ، جعل ذلك نفسا له على المجاز ، فقيل : تنفّس الصبح.
وجواب القسم قوله : (إِنَّهُ) أي : القرآن (لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) على ربّه.
يعني : جبرئيل عليهالسلام ، فإنّه قاله عن الله تعالى. وقيل : إنّما أضافه إلى جبرئيل ، لأنّ الله تعالى قال له : ائت محمّدا وقل له كذا.
ثمّ وصف جبرئيل عليهالسلام بقوله : (ذِي قُوَّةٍ) كقوله : (شَدِيدُ الْقُوى) (١). ولمّا كانت حال المكانة على حسب حال الممكّن قال : (عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ) أي : عند مالك العرش وخالقه ومدبّره (مَكِينٍ) ذي مكانة ورفعة ، ليدلّ على عظم منزلته ومكانته وعلوّ مرتبته.
(مُطاعٍ) في ملائكته (ثَمَ) إشارة إلى الظرف المذكور ، أعني : عند ذي العرش. ويحتمل اتّصاله بما قبله وما بعده ، على معنى : أنّه عند الله مطاع في ملائكته المقرّبين ، يصدرون عن أمره ، ويرجعون إلى رأيه. قالوا : ومن طاعة الملائكة لجبرئيل أنّه أمر خازن الجنّة ليلة المعراج حتّى فتح لمحمّد أبوابها ، فدخلها ورأى ما فيها ، وأمر خازن النار ففتح له عنها حتّى نظر إليها. أو عند الله. (أَمِينٍ) على الوحي إلى أنبيائه.
وفي الحديث : «أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لجبرئيل عليهالسلام : ما أحسن ما أثنى عليك ربّك (ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ). فما كانت قوّتك؟ وما كانت أمانتك؟ قال : أمّا قوّتي فإنّي بعثت إلى مدائن لوط ، وهي أربع مدائن ، في كلّ مدينة أربعمائة ألف مقاتل سوى الذراري ، فحملتهم من الأرض السفلى حتّى سمع أهل السماوات أصوات الدجاج ونباح الكلاب ، ثمّ هويت بهنّ فقلبتهنّ. وأمّا أمانتي ؛ فإنّي لم أومر بشيء فعدوته إلى غيره».
__________________
(١) النجم : ٥.