وقيل : علمت ما أحضرته من خير وشرّ. وإحضار الأعمال مجاز ، لأنّها لا تبقى. والمعنى : أنّه لا يشذّ عنها شيء ، فكأنّ كلّها حاضرة.
وقيل : المراد صحائف الأعمال.
وإنّما صحّ ذلك والمذكور في سياق «إذ» اثنتا عشرة خصلة ، ستّ منها في مبادئ قيام الساعة قبل فناء الدنيا ، وستّ بعده ، لأنّ المراد زمان متّسع شامل لها ولمجازاة النفوس على أعمالها. و «نفس» في معنى العموم ، كقولهم : تمرة خير من جرادة. كأنّه قيل : علمت كلّ نفس.
وعن ابن مسعود : أنّ قارئا قرأها عنده ، فلمّا بلغ (عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ) قال : وانقطاع ظهرياه.
(فَلا أُقْسِمُ) قد ذكرنا اختلاف العلماء فيه غير مرّة (بِالْخُنَّسِ) بالكواكب الرواجع. من : خنس إذا تأخّر. ألا ترى النجم في آخر البرج إذ كرّ راجعا إلى أوّله.
وهي ما سوى النيّرين من السيّارات. ولذلك وصفها بقوله : (الْجَوارِ) السيّارات في أفلاكها (الْكُنَّسِ) الغيّب تحت ضوء الشمس. من : كنس الوحشيّ إذا دخل كناسه ، وهو بيته المتّخذ من أغصان الشجر.
وعن عليّ عليهالسلام : «هي الدّراري الخمسة : زحل ، ومشتري ، ومرّيخ ، وعطارد ، وزهرة».
تجري مع الشمس والقمر ، وترجع حتّى تخفى تحت ضوء الشمس.
فخنوسها : رجوعها. وكنوسها : اختفاؤها تحت ضوء الشمس.
وقيل : هي جميع الكواكب ، تخنس بالنهار فتغيب عن العيون ، وتكنس بالليل ، أي : تطلع في أماكنها ، كالوحش في كنسها.
(وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ) أدبر ظلامه. يقال : عسعس الليل وسعسع إذا أدبر.
قال العجاج :
حتّى إذا الصبح لها تنفّسا |
|
وانجاب عنها ليلها وعسعسا |