أي : يختم أوانيه من الأكواب والأباريق بمسك مكان الطينة في الدنيا. وقيل : مختوم أي : ممنوع من أن يمسّه يد حتّى يفكّ ختمه للأبرار. وقرأ الكسائي : خاتمه بفتح التاء ، أي : ما يختم به ويقطع.
وعن ابن عبّاس والحسن وقتادة : معناه : مقطعه رائحة المسك إذا شرب.
يعني : إذا رفع الشارب فاه عن آخر شرابه وجد ريحه كريح المسك. وقيل : يمزج بالكافور ، ويختم مزاجه بالمسك.
وعن أبي الدرداء قال : هو شراب أبيض مثل الفضّة يختمون به شرابهم. ولو أنّ رجلا من أهل الدنيا أدخل إصبعه فيه ثمّ أخرجها لم يبق ذو روح إلّا وجد طيبها.
ثمّ أمر سبحانه بالترغيب فيه بوسيلة الأعمال الصالحة ، فقال : (وَفِي ذلِكَ) يعني : الرحيق ، أو النعيم (فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ) فليرتغب المرتغبون ، أي : يرغب الراغبون بالمبادرة إلى طاعة الله. وعن مقاتل : فليتنازع المتنازعون. وفي الحديث : «من صام لله في يوم صائف سقاه الله على الظّمأ من الرحيق المختوم».
وفي وصيّة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لأمير المؤمنين عليهالسلام : «يا عليّ من ترك الخمر لله سقاه الله من الرحيق المختوم».
(وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ) علم لعين بعينها. سمّيت تسنيما ـ الّذي هو مصدر : سنّمه إذا رفعه ـ إمّا لأنّها أرفع شراب في الجنّة ، وإمّا لأنّها تأتيهم من فوق ، على ما روي : أنّها تجري في الهواء متسنّمة فتنصبّ في أوانيهم. وهو أشرف شراب الجنّة.
(عَيْناً) نصب على المدح. وعند الزجّاج على الحال من «تسنيم». (يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ) فإنّهم يشربونها صرفا ، لأنّهم لا يشتغلون بغير الله. وتمزج لسائر أهل الجنّة. والكلام في الباء كما في (يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ) (١).
__________________
(١) الإنسان : ٦.