(وَإِذا رَأَوْهُمْ) وإذا رأوا المؤمنين (قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ) أي : نسبوهم إلى الضلال.
(وَما أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ) على المؤمنين (حافِظِينَ) يحفظون عليهم أعمالهم ، ويشهدون برشدهم وضلالهم ، فكيف يطغون عليهم؟! وهذا تهكّم بهم ، أو هو من جملة قول الكفّار. يعني : أنّهم إذا رأوا المسلمين قالوا : (إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ) ، وإنّهم لم يرسلوا عليهم حافظين ، إنكارا لصدّهم إيّاهم عن الشرك ودعائهم إلى الإسلام ، أو عن النفاق ، وجدّهم في ذلك.
(فَالْيَوْمَ) أي : يوم القيامة الّذي يجازي الله فيه كلّ أحد وفق عمله (الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ) حين يرونهم أذلّاء مغلوبين في النار ، كما ضحك الكفّار منهم في الدنيا.
وقيل : يفتح لهم باب إلى الجنّة فيقال لهم : أخرجوا إليها ، فإذا وصلوا إليها أغلق دونهم ، يفعل ذلك بهم مرارا ، فيضحك المؤمنون منهم.
(عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ) حال من «يضحكون» أي : يضحكون منهم ناظرين إليهم وإلى ما هم فيه من الهوان والصغار بعد العزّة والكبر ، ومن ألوان العذاب بعد النعيم والترفّه ، وهم على الأرائك آمنون.
(هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ) هل أثيبوا؟ والاستفهام للتقرير. (ما كانُوا يَفْعَلُونَ) من السخريّة بالمؤمنين في الدنيا. يقال : ثوّبه وأثابه إذا جازاه. فاستعمل لفظ الثواب في العقوبة ، لأنّ الثواب في أصل اللغة الجزاء الّذي يرجع إلى العامل بعمله ، وإن كان في العرف اختصّ بالجزاء بالنعيم على الأعمال الصالحة ، فاستعمل هنا على أصله. وقيل : لأنّه جاء في مقابلة ما فعل بالمؤمنين ، أي : هل ثوّب الكفّار كما ثوّب المؤمنون؟
وهذا القول يكون من قبل الله تعالى ، أو تقوله الملائكة للمؤمنين ، تنبيها لهم على أنّ الكفّار جوزوا على كفرهم واستهزائهم بالمؤمنين ما استحقّوه من العذاب ، ليزدادوا بذلك سرورا إلى سرورهم.