ثمّ سلّى نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم على التأذّي من قومه بذكر قصّة فرعون وثمود ، فقال : (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ) الّذين تجنّدوا على أنبياء الله (فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ) أبدلهما من الجنود لأنّ المراد بفرعون هو وقومه ، كما في قوله : (مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِمْ) (١) والمعنى : قد عرفت تكذيب تلك الجنود للرسل وما حاق بهم ، فتسلّ واصبر على تكذيب قومك ، وحذّرهم مثل ما أصابهم.
(بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا) من قومك (فِي تَكْذِيبٍ) أي : تكذيب لا يخلصون عنه أصلا. فمعنى الإضراب : أنّ حالهم أعجب من حال هؤلاء ، لأنّهم سمعوا بقصصهم وبما جرى عليهم ، ورأوا آثار هلاكهم ، ولم يعتبروا وكذّبوا أشدّ من تكذيبهم.
(وَاللهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ) أي : عالم بجميع أحوالهم ، وقادر عليهم ، وهم لا يعجزونه. والإحاطة بهم من ورائهم مثل لعدم فوتهم ، كما لا يفوت المحاط المحيط.
(بَلْ هُوَ) بل هذا الّذي كذّبوا به (قُرْآنٌ مَجِيدٌ) كتاب شريف ، جليل القدر ، وحيد في النظم والمعنى بين الكتب السماويّة (فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ) من التحريف ، ومن وصول الشياطين إليه. وقرأ نافع بالرفع صفة للقرآن.
وعن ابن عبّاس ومجاهد : أنّ اللوح المحفوظ من درّة بيضاء ، طوله ما بين السماء والأرض ، وعرضه ما بين المشرق والمغرب.
وعن مقاتل : اللوح عن يمين العرش. وعن أنس : في جبهة إسرافيل.
__________________
(١) يونس : ٨٣.