وبدائع الفطرة ، من الشمس والقمر والكواكب ، وعلّق بها منافع الخلق وأسباب معايشهم.
(وَإِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ) فهي راسخة لا تميل ولا تزول ، ولولاها لمادت الأرض بأهلها.
(وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ) بسطت حتّى صارت مهادا للمتقلّب عليها.
ووجه حسن ذكر الإبل مع السماء والجبال والأرض : أنّ هذه الأشياء غالبا في مناظر العرب ومطاع (١) نظرهم في أوديتهم وبواديهم ، فانتظمها الذكر على حسب ما انتظمها نظرهم.
وملخّص المعنى : أفلا ينظرون إلى أنواع المخلوقات من البسائط والمركّبات ، ليتحقّقوا كمال قدرة الخالق ، فلا ينكروا اقتداره على البعث ، فيسمعوا إنذار الرسول ويؤمنوا به ، ويستعدّوا للقائه؟ ولذلك عقّب به أمر المعاد ، ورتّب عليه الأمر بالتذكير ، فقال : (فَذَكِّرْ) أي : لا ينظرون ، فذكّرهم ولا تلحّ عليهم (إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ) أي : فلا عليك إن لم ينظروا ولم يتذكّروا ، إذ ما عليك إلّا البلاغ ، كقوله : (إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ) (٢).
(لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ) بمتسلّط يمكنك أن تدخل الإيمان في قلوبهم وتجبرهم عليه ، كقوله : (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ) (٣). وعن الكسائي بالسين على الأصل ، وحمزة بالإشمام.
(إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ) الاستثناء منقطع. والمعنى : لست بمستول عليهم ، ولكن من تولّى عن الذكر وكفر بالله (فَيُعَذِّبُهُ اللهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ) الّذي هو عذاب جهنّم.
__________________
(١) كذا في النسخة الخطّية ، ولعلّ الصحيح : ومطمح.
(٢) الشورى : ٤٨.
(٣) ق : ٤٥.