ذلك ظاهرا وباطنا ، ثمّ بالأمر بالجهاد ، فقال :
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) مضى تفسيره.
روي : أنّ المسلمين قالوا : لو علمنا أحبّ الأعمال إلى الله لبذلنا أموالنا وأنفسنا ، فأنزل الله : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ) (١).
فولّوا يوم أحد ، فنزلت تعييرا لهم : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ) «لم» مركّبة من لام الجرّ و «ما» الاستفهاميّة. والأكثر حذف ألفها مع حروف الجرّ ، في قولك : بم ، وفيم ، وممّ ، وعمّ ، وإلام ، وعلام ، لكثرة استعمالهما في الكلام المستفهم عنه. وقد جاء استعمال الأصل قليلا. والوقف على زيادة هاء السكت أو الإسكان. ومن أسكن في الوصل فلإجرائه مجرى الوقف. وفيه معنى التعجّب.
(كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ) إيثار المقت الّذي هو أشدّ البغض ، ونصبه على التمييز ، للدلالة على أنّ قولهم هذا مقت خالص كبير عند الله ، بحيث يحقّر دونه كلّ عظيم ، مبالغة في المنع عنه ، لأنّه إذا ثبت كبر مقته عند الله فقد تمّ كبره وشدّته.
قيل : لمّا أخبر الله بثواب شهداء بدر ، قالوا : لئن لقينا قتالا لنفرغنّ فيه وسعنا ، ففرّوا يوم أحد ولم يفوا ، فنزلت.
وقيل : كان الرجل يقول : قتلت ولم يقتل ، وطعنت ولم يطعن ، وضربت ولم يضرب ، وصبرت ولم يصبر.
وقيل : قد آذى المسلمين رجل ونكى فيهم ، فقتله صهيب ، وانتحل قتله آخر.
فقال عمر لصهيب : أخبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّك قتلته. فقال : إنّما قتلته لله ولرسوله.
فقال عمر : يا رسول الله قتله صهيب. قال : كذلك يا أبا يحيى؟ قال : نعم. فنزلت
__________________
(١) الصفّ : ٤.