ولمّا أمر الله سبحانه بالرغبة إليه في خاتمة سورة الانشراح ، افتتح هذه السورة بذكر أنّه الخالق المستحقّ للعبادة ، بعد أن أقسم عليه ، فقال :
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ) خصّهما من بين الثمار بالقسم ، لأنّ التين فاكهة طيّبة لا فضل له إلّا القليل جدّا ، وغذاء لطيف سريع الهضم ، ودواء كثير النفع ، فإنّه يليّن الطبع ، ويحلّل البلغم ، ويطهّر الكليتين ، ويزيل رمل المثانة ، ويفتح سدد الكبد والطحال ، ويسمّن البدن. وروي : أنّه أهدي لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم طبق من تين ، فأكل منه وقال لأصحابه : «كلوه ، فلو قلت : إنّ فاكهة نزلت من الجنّة لقلت : هذه ، لأنّ فاكهة الجنّة بلا عجم ، فكلوها ، فإنّها تقطع البواسير ، وتنفع من النقرس».
والزيتون فاكهة وإدام ودواء ، وله دهن لطيف كثير المنافع ، مع أنّه قد ينبت حيث لا دهنيّة فيه ، كالجبال. ومرّ معاذ بن جبل بشجرة الزيتون ، فأخذ منها قضيبا واستاك به وقال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «نعم السواك الزيتون من الشجرة المباركة ، يطيب الفم ، ويذهب بالحفرة». وسمعته يقول : «هي سواكي وسواك الأنبياء قبلي».
وقيل : المراد بهما جبلان من الأرض المقدّسة يقال لهما بالسريانيّة : طور تينا وطور زيتا ، لأنّهما منبتا التين والزيتون.
وقيل : التين الجبل الّذي عليه دمشق ، والزيتون الجبل الّذي عليه بيت المقدس.
وقيل : التين مسجد دمشق ، والزيتون بيت المقدس.
وعن ابن عبّاس : التين مسجد نوح الّذي بني على الجوديّ ، والزيتون بيت المقدس.
وقيل : التين المسجد الحرام ، والزيتون المسجد الأقصى.
وقيل : التين جبال ما بين حلوان وهمدان ، والزيتون جبال الشام ، لأنّها