وهو المرويّ عن أبي عبد الله عليهالسلام في حديث طويل ، قال : «وسمّيت هذه الغزوة ذات السلاسل ، لأنّه أسر منهم وقتل وسبى ، وشدّ أسراهم في الحبال مكتّفين كأنّهم في السلاسل. ولمّا نزلت السورة خرج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الناس فصلّى بهم الغداة ، وقرأ فيها والعاديات ، فلمّا فرغ من صلاته قال أصحابه : هذه سورة لم نعرفها. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : نعم ، إنّ عليّا قد ظفر بأعداء الله ، وبشّرني بذلك جبرئيل في هذه الليلة. فقدم عليّ عليهالسلام بعد أيّام بالأسارى والغنائم».
وفي رواية عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس قال : بينما أنا في الحجرة جالس إذ أتاني رجل فسأل عن العاديات ضبحا ، فقلت له : الخيل حين تغير في سبيل الله ، ثمّ تأوي إلى الليل ، فيصنعون طعامهم ويورون نارهم. فانفتل (١) عنّي وذهب إلى عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، وهو تحت سقاية زمزم ، فسأله عن العاديات ضبحا.
فقال : سألت عنها أحدا قبلي؟ قال : نعم ، سألت عنها ابن عبّاس ، فقال : إنّها الخيل حين تغير في سبيل الله. قال : اذهب فادعه لي. فلمّا وقفت على رأسه قال : تفتي الناس بما لا علم لك به ، والله إن كانت لأوّل غزوة في الإسلام بدر ، وما كان معنا إلّا فرسان : فرس للزبير ، وفرس للمقداد بن الأسود ، فكيف تكون العاديات الخيل؟ بل (الْعادِياتِ ضَبْحاً) الإبل ، من عرفة إلى مزدلفة ، ومن مزدلفة إلى منى. قال ابن عبّاس : فرغبت عن قولي ، ورجعت إلى الّذي قاله عليّ عليهالسلام.
وعلى هذا ؛ فالمراد بالضبح الضبع. قال في الصحاح : «عن أبي عبيدة : ضبحت الخيل ضبحا ، مثل : ضبعت ، وهو السير» (٢). ثمّ قال : «ضبعت الإبل تضبع ضبعا ، إذا مدّت أضباعها في سيرها ، وهي أعضادها. والناقة ضابع. والضبع : أن يهوي بحافره إلى عضده» (٣).
والمراد بالموريات أنّ أصحابها يورون نارهم في عرفة وجمع ومنى.
__________________
(١) أي : انصرف. من : فتل وجهه عنهم ، أي : صرفه.
(٢) الصحاح ١ : ٣٨٥ ، و٣ : ١٢٤٧.
(٣) الصحاح ١ : ٣٨٥ ، و٣ : ١٢٤٧.